للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابِعًا: المَبيتُ بمنًى لَياليَ أيامِ التَّشريقِ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ المَبيتِ بمنًى لَياليَ أيامِ التَّشريقِ، فذهَب المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَبيتَ بمنًى لَياليَ أيامِ التَّشريقِ واجبٌ يَلزمُ الدَّمُ مَنْ ترَكه بغيرِ عُذرٍ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ، وقال المالِكيةُ: يَجبُ ولو لعُذرٍ.

واستدَلُّوا على الوُجوبِ بأنَّ النَّبيَّ باتَ بمنًى لَياليَ منًى، وبما رُوي أنَّ العَباسَ بنَ عبدِ المُطَّلبِ : «استَأذنَ رَسولَ اللهِ أنْ يَبيتَ بمكةَ لَياليَ منًى من أجلِ سِقايَتِه فأذِن لهُ» (١)، وهذا يَدلُّ على أنَّه مَأمورٌ به، وإلا كان يَجوزُ للعَباسِ ذلك ولغيرِه دونَ إرخاصٍ، وقد تأكَّد ذلك بفِعلِ الأئمَّةِ بعدَ النَّبيِّ ، ثم بمَنعِ عُمرَ المَبيتَ وراءَ العَقَبةِ، ولأنَّ النَّبيَّ فعَله نُسكًا، وقال: «خُذوا عَنِّي مَناسكَكم» (٢).

وقَدرُ المَبيتِ الواجبُ عندَهم هو مُكثُ أكثرِ اللَّيلِ، إلا أنَّهم اختلَفوا فيما إذا ترَك لَيلةً أو لَيلَتيْن من ليالي منًى بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّ له تَركَ المَبيتِ في اللَّيلةِ الثالِثةِ إذا نفَر النَّفرَ الأولَ.

فقال المالِكيةُ: إذا ترَك المَبيتَ لَيلةً كامِلةً أو اللَّياليَ الثَّلاثَ فاللَّازمُ دَمٌ واحِدٌ ولا يَتعدَّدُ.


(١) رواه البخاري (١٥٥٣)، ومسلم (١٣١٥).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>