ثانيًا: مَكانُ عدَّةِ المطلَّقةِ البائنِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في مَكانِ عدَّةِ المُطلَّقةِ، وهل لها أنْ تَعتدَّ حيثُ شاءَتْ؟ أم يَلزمُها أنْ تَعتدَّ في مَكانٍ مُعيَّنٍ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ المُطلَّقةَ تَعتدُّ في المَكانِ الذي كانَتْ فيه، سَواءٌ كانَ مِلكًا أو إجارةً أو إعارةً، ولا يَجوزُ لها الخُروجُ منه مِنْ غيرِ عُذرٍ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].
ورَوى الإمامُ مالِكٌ عن نافعٍ «أنَّ بِنتَ سَعيدِ بنِ زَيدِ بنِ عَمرِو بنِ نُفيلٍ كانَتْ تحتَ عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ عُثمانَ بنِ عفَّانِ، فطلَّقَها البتَّةَ، فانتَقلَتْ، فأنكَرَ ذلكَ عليها عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ.
قالَ أبو عُمرَ ﵀: أما حَديثُه عن نافعٍ «أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ أنكَرَ على ابنةِ سَعيدِ بنِ زَيدٍ انتِقالَها مِنْ بَيتِها حينَ طلَّقَها عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ عُثمانَ» فهو مَذهبُه ومَذهبُ أبيه عُمرَ بنِ الخطَّابِ وابنِ مَسعودٍ وعائِشةَ وأكثَرِ الصَّحابةِ وجُمهورِ الفُقهاءِ؛ لعُمومِ قَولِ اللهِ تعالَى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].
وأجمَعُوا أنَّ المُطلَّقةَ طَلاقًا يَملكُ فيه زَوجُها رَجعتَها أنها لا تَنتقلُ مِنْ بَيتِها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute