للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلُ في ذلك حَديثُ قَبيصةَ بنِ المُخارقِ مَرفوعًا: «إنَّ المَسأَلةَ لَا تَحلُّ إلا لأَحدِ ثَلاثةٍ: رَجلٍ تَحمَّلَ حَمالَةً فحلَّتْ له المَسأَلةُ حتى يُصِيبَها ثُم يُمسِكُ … » الحَديثَ (١) فقد ذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ هذا النَّوعَ من الغارِمينَ يُعطَى من الزَّكاةِ، سَواءٌ كانَ غَنيًّا أو فَقيرًا؛ لأنَّه لو اشتُرطَ الفَقرُ فيه لَقلَّت الرَّغبةُ في هذه المَكرُمةِ. وقيَّدَ الحَنابِلةُ الإِعطاءَ بما قبلَ الأداءِ الفِعليِّ ما لم يَكنْ أدَّى الحَمالةَ من دَينٍ استَدانه؛ لأنَّ الغُرمَ يَبقى.

وقالَ الحَنفيةُ: لا يُعطَى المُتحمِّلُ من الزَّكاةِ إلا إنْ كانَ لا يَملِكُ نِصابًا فاضِلًا عن دَينِه كغيرِه من المَدينينَ.

الضَّربُ الثالِثُ: الغارِمُ بسَببِ دَينِ ضَمانٍ أو كَفالةٍ:

قالَ الحَنابِلةُ: مَنْ تَحمَّلَ بضَمانٍ أو كَفالةٍ عن غيرِه مالًا، فحُكمُه حُكمُ مَنْ غرِمَ لنَفسِه، فإنْ كانَ الضامِنُ أو الكَفيلُ مُعسرَينِ جازَ الدَّفعُ إلى كلٍّ منهما؛ لأنَّ كلًّا منهما مَدِينٌ، وإنْ كانا مُوسرَينِ أو كانَ أحدُهما مُوسِرًا لم يَجزِ الدَّفعُ إليهما ولا إلى أَحدِهما.

وهذا الضَّربُ ذكَرَه الشافِعيةُ أيضًا، والمُعتبَرُ في ذلك عندَهم أنْ يَكونَ كلٌّ من الضامِنِ أو المَضمونِ عنه مُعسِرَينِ، فإنْ كانا مُوسِرَينِ فلا يَجوزُ الدَّفعُ إلى واحِدٍ منهما.

أمَّا إنْ كانَ أحدُهما مُوسِرًا ففي إِعطاءِ الضامِنِ من الزَّكاةِ خِلافٌ، فإنْ كانَ الضامِنُ هو المُعسِرَ دونَ المَضمونِ عنه فإنْ ضمِنَ بإذنِه لم يُعطَ؛ لأنَّه


(١) رواه مسلم (١٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>