للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلاقِ، وأنه غَيرُ مُحتاجٍ إلى زَوجٍ يُحِلُّها لهُ، فلمَّا أجمَعُوا على هذهِ الحالِ ثمَّ اختَلفُوا في أمرِها إذا نكَحَتْ؛ لَم يَجُزْ أنْ تُنقلَ عَنْ حالِها التي قَدْ أجمَعُوا عليهِ إلا بحُجَّةٍ، وقد أجمَعُوا أنَّ الأولَ لو كانَ طلَّقَها ثلاثًا أنها تَحرمُ عليهِ إلَّا بعدَ زَوجٍ، وكانَتْ حالُه في هذهِ المَسألةِ خِلافَ حالَتِه في المَسألةِ الأُولَى؛ لأنَّ للزوجِ اللَّاحقِ في هذهِ المسألةِ مَعنًى، فلمَّا افتَرقَ المَعْنيانِ وجَبَ أنْ يُفرَّقَ بيْنَ الحُكمَينِ فيُجعلَ حُكمُها إذا احتاجَتْ إلى زَوجٍ يُحِلُّها للأولِ بخِلافِ حُكمِها في الحالِ التي لا تَحتاجُ إلى زَوجٍ لهُ حُكمٌ.

قالَ أبو بكرٍ: وكذلكَ أقولُ للعِلَلِ التي ذكَرَتْها غَيرُ هذهِ الفِرقةِ، ولأنَّ ذلكَ قَولُ الأكابِرِ مِنْ أصحابِ رَسولِ اللهِ مِنْ الخُلفاءِ الرَّاشدينَ وغَيرِهم، وبهِ قالَ عَوامُّ أهلِ العِلمِ.

وفي هذهِ المَسألةِ قَولٌ ثالِثٌ قالهُ النخَعيُّ، قالَ: إنْ كانَ دخَلَ بها الأخيرُ فطَلاقٌ جَديدٌ ونِكاحٌ جَديدٌ، فإنْ لَم يكنْ دخَلَ بها فعلَى ما بَقيَ (١).

تَعليقُ الطَّلاقِ على شَرطَينِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الزوجَ إذا علَّقَ طَلاقَ زَوجتِه على شَرطَينِ لم يَقعِ الطَّلاقُ قبلَ وُجودِ الشرطَينِ جَميعًا، كما لو قالَ لها: «إنْ كَلَّمتِ زَيدًا وعَمرًا فأنتِ طالِقٌ» فكَلَّمتْ أحَدَهما لا يَقعُ الطلاقُ في قَولِهم جَميعًا، وكذا «إنْ كلَّمتِ زَيدًا إنْ دخَلْتِ الدارَ فأنتِ طالِقٌ» لم تَطلُقُ


(١) «الأوسط» (٩/ ٢٨٢، ٢٨٤)، و «الإشراف» (٥/ ٢٤٢، ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>