للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في أحكامِ الجَعالةِ وما تَنفسِخُ بهِ

حُكمُ عَقدِ الجَعالةِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الجَعالةَ عَقدٌ جائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ قبلَ الشُّروعِ في العَملِ، ولِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما -أي: مِنْ الجاعِلِ والمَجعولِ له المُعيَّنِ- فَسخُها متى شاءَ، كَسائِرِ العُقودِ الجائِزةِ، قالَ في «الشَّرحُ الكَبيرُ»: لا نَعلَمُ في ذلك خِلافًا (١).

وفي قَولٍ لِلمالِكيَّةِ: تَلزَمهُما بالعَقدِ، كالإجارةِ، وقيلَ: تَلزَمُ الجاعِلَ بالعَقدِ، دونَ المَجعولِ له.

أمَّا بعدَ الشُّروعِ في العَملِ، وقبلَ إتمامِه، فلا يَخْلُو الفَسخُ إمَّا أنْ يَكونَ مِنْ جِهةِ العامِلِ، وإمَّا أنْ يَكونَ مِنْ جِهةِ الجاعِلِ:

واتَّفَقوا جَميعًا إنْ كانَ مِنْ قِبَلِ العامِلِ على أنَّه يَجوزُ لِلعامِلِ أنْ يَفسَخَها بعدَ شُروعِه في العَملِ، وقبلَ إتمامِه لِلعَملِ؛ لأنَّه يَكثُرُ الغَرَرُ في العَملِ، ويَتفاوَتُ، فلَو لَزِمَه رَدُّ الآبِقِ على كلِّ حالٍ، ورَدُّ البَعيرِ الشَّارِدِ لَتَعَذَّرَ عليه


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>