للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ عِندَهما إلى أنه لا يَكونُ مُوليًا ولا تُضرَبُ له مدَّةُ الإيلاءِ بعدَ التَّزويجِ؛ لأنه لمَّا لم يَكنْ مُوليًا في الحالِ لم يَكنْ مُوليًا بَعدُ.

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٢٦]، وهذهِ ليسَتْ مِنْ نِسائِه، ولأنَّ الإيلاءَ حُكمٌ مِنْ أحكامِ النكاحِ فلَم يَتقدَّمْه كالطَّلاقِ والقَسْمِ، ولأنَّ المدَّةَ تُضربُ له؛ لقَصدِه الإضرارَ بها بيَمينِه، وإذا كانَتِ اليَمينُ قبلَ النكاحِ لم يَكنْ قاصِدًا للإضرارِ، فأشبَهَ المُمتنِعَ بغيرِ يَمينٍ.

إلا أنه تَلزمُه كفَّارةُ اليَمينِ إذا قَربَها كما مَرَّ (١).

المسألةُ الثَّالثةُ: الإيلاءُ قبلَ الدُّخولِ ومِن الصَّغيرةِ والمجنُونةِ:

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ويَصحُّ الإيلاءُ قبلَ الدُّخولِ وبعدَه، وبهذا قالَ النخَعيُّ ومالكٌ والأوزاعيُّ والشافعيُّ.

وقالَ عَطاءٌ والزُّهريُّ والثَّوريُ: إنَّما يَصحُّ الإيلاءُ بعدَ الدُّخولِ.

ولنَا: عُمومُ الآيةِ: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [البقرة: ٢٢٦]، والمَعنى: لأنه مُمتنِعٌ مِنْ جِماعِ زَوجتِه بيَمينِه، فأشبَهَ ما بعدَ الدُّخولِ.

ويصحُّ الإيلاءُ مِنْ المَجنونةِ والصَّغيرةِ، إلا أنه لا يُطالَبُ بالفَيئةِ في


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ٥٤١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩)، و «الديباج» (٣/ ٤٩١)، و «المغني» (٧/ ٤٢٣، ٤٢٤)، و «المبدع» (٨/ ١٨)، و «الإنصاف» (٩/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>