للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم لا يُقتَلونَ بجِنايةِ غيرِهم ولا يَزِرونَ وِزرَ غيرِهم، وإنْ أبَى البُغاةُ مُفاداةَ الأسرى الذينَ معَهم وحَبَسوهُم احتَملَ أنْ يَجوزَ لأهلِ العَدلِ حَبسُ مَنْ معَهم؛ ليَتوصَّلوا إلى تَخليصِ أُساراهم بحَبسِ مَنْ معَهم، ويَحتملُ أنْ لا يَجوزَ حَبسُهم ويُطلَقونَ؛ لأنَّ الذنبَ في حَبسِ أُسارى أهلِ العَدلِ لغيرِهم (١).

مَنْ يَجوزُ قتلُه مِنْ أهلِ البَغيِ ومَن لا يَجوزُ؟

قالَ الحَنفيةُ: مَنْ لا يَجوزُ قتلُه مِنْ أهلِ الحَربِ مِنْ الصبيانِ والنِّسوانِ والأشياخِ والعُميانِ لا يجوزُ قتلُه مِنْ أهلِ البغيِ؛ لأنَّ قتْلَهم لدَفعِ شرِّ قتالِهم، فيَختصُّ بأهلِ القتالِ، وهؤلاءِ ليسُوا مِنْ أهلِ القتالِ، فلا يُقتلونَ إلا إذا قاتَلُوا، فيُباحُ قتلُهم في حالِ القتالِ وبعدَ الفراغِ مِنْ القتالِ، إلا الصِّبيانَ والمَجانينَ على ما ذكَرْنا في حُكمِ أهلِ الحَربِ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: المَرأةُ المقاتِلةُ مع أهلِ البَغيِ حُكمُها حُكمُ الرَّجلِ، فإذا قاتَلَتِ النِّساءُ مع الرَّجالِ بالسِّلاحِ فلِأهلِ القتالِ قتلُهنَّ في القتالِ، وإنْ لم يَكنْ قتالُهنَّ إلا بالتَّحريضِ ورَميِ الحِجارةِ فلا يُقتلْنَ، ولو أُسِرنَ وقد كُنَّ يُقاتِلْنَ قتالَ الرِّجالِ لم يُقتلْنَ (٣).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا قاتلَ مع أهلِ البَغيِ نساؤُهم وصِبيانُهم وعَبيدُهم كانُوا في حُكمِهم، يُقاتَلونَ مُقبلِينَ ويُكَفُّ عنهم مُدبرينَ وإنْ لم يكونوا مِنْ


(١) «المغني» (٩/ ١٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤١).
(٣) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>