للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا وَصيتُه على أَولادِه فلا تَصحُّ قَولًا واحِدًا؛ لأنَّه لا يَملكُ التَّصرفَ بنَفسِه فوَصيتُه أحَقُّ وأوْلى، قالَه في «المُطلع».

قُلتُ: ظاهِرُ كَلامِ كَثيرٍ من الأَصحابِ في بابِ المُوصَى إليه صِحةُ وَصيتِه بذلك، وهو أَولى بالصِّحةِ من الوَصيةِ بالمالِ.

والظاهِرُ أنَّ الذي حَداه إلى ذلك تَعليلُ الأَصحابِ بكَونِه مَحجورًا عليه في تَصرُّفاتِه أو لكَونِه مُحتاجًا إلى الثَّوابِ، وتَصرُّفُه في هذه مَحضُ مَصلحةٍ من غيرِ ضَررٍ؛ لأنَّه إنْ عاشَ لم يَذهَبْ من مالِه شَيءٌ، ولا يَلزمُ من ذلك أنَّ الوَصيةَ على أَولادِه لا تَصحُّ، اللَّهمَّ إلا أنْ يَكونَ في المَسألةِ نَقلٌ خاصٌّ (١).

ثانيًا: وَصيةُ المَحجورِ عليه لفَلَسٍ:

الوَصيُّ المُفلِسُ إذا أَوصَى قبلَ الحَجرِ عليه فعامَّةُ العُلماءِ على صِحةِ وَصيتِه وصِحةِ جَميعِ تَصرُّفاتِه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ما فعَلَه المُفلسُ قبلَ حَجرِ الحاكِمِ عليه من بَيعٍ أو هِبةٍ أو إِقرارٍ أو قَضاءِ بعضِ الغُرماءِ أو غيرِ ذلك فهو جائِزٌ نافِذٌ، وبهذا قالَ أَبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ ولا نَعلمُ أحدًا خالَفَهم، ولأنَّه رَشيدٌ غيرُ مَحجورٍ عليه نفَذَ تَصرفُه كغيرِه، ولأنَّ سَببَ المَنعِ الحَجرُ فلا يَتقدَّمُ التَّصرفُ سَببَه، ولأنَّه من أهلِ التَّصرفِ ولم يُحجَرْ عليه أشبَهَ المَليءَ (٢).


(١) «الإنصاف» (٧/ ١٨٥).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٦٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>