للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانَ بعضُ الشُّفعاءِ حاضِرًا والآخَرُ غائِبًا:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ بعضَ الشُّفعاءِ إذا كانَ غائِبًا وكانَ بعضُهم حاضِرًا وأَرادَ الحاضِرُ أنْ يأخُذَ حِصَّتَه فقط بالشُّفعةِ ويَتركَ البَقيةَ فليسَ له ذلك، وإنَّما له أنْ يأخُذَ الحِصصَ كلَّها؛ لأنَّه لم يعلَمِ الآنَ مُطالِبًا سِواه، ولأنَّ الغائِبَ يَجوزُ أنْ يَطلبَ ويَجوزُ ألَّا يَطلبَ، فلا يَسقطُ حَقُّ الحاضِرِ بالشَّكِّ، أو يَجوزُ أنْ يَتركَها؛ لأنَّ في أخْذِ بعضِ الشِّقصِ تَبعيضًا لصَفقةِ المُشتَري فلم يَجزْ ذلك، كما لو لم يَكُنْ معه غيرُه، ولا يُمكنُ تَأخيرُ حَقِّه إلى أنْ يَقدَمَ شُركاؤُه لأنَّ في التَّأخيرِ إِضرارًا بالمُشتَري.

وإنْ قالَ الشَّفيعُ: أنا آخُذُ حِصَّتي فإذا قدِمَ أَصحابي فإنْ أخَذوا شُفعتَهم وإلا أخَذتُ، لم يَكُنْ له ذلك، وإنَّما له أنْ يأخُذَ الجَميعَ أو يَدعَ، فإنْ سلَّمَ فلا أخْذَ له مع أَصحابِه إنْ قدِموا، ولهم أنْ يأخُذوا الجَميعَ أو يَدَعُوا، فإنْ سلَّموا إلا واحِدًا قيلَ له: «خُذِ الجَميعَ وإلا فدَعْ».

ولو أخَذَ الحاضِرُ الجَميعَ ثم قدِموا فلهم أنْ يَدخُلوا كلُّهم معه إنْ أحَبُّوا فيَقسِموا معه، وإنْ شاؤُوا تَرَكوا، والصَّغيرُ إذا لم يَكُنْ له مَنْ يأخُذُ بالشُّفعةِ كالغائِبِ، وبُلوغُه كقُدومِ الغائِبِ (١).


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٠٨)، و «البحر الرائق» (٨/ ١٤٥)، و «درر الحكام» (٢/ ٦٨٤، ٦٨٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٧٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٣٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٤٥٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣٥)، و «المغني» (٥/ ٢١١، ٢١٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٨١، ١٨٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>