للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقتَلِ الجَماعةُ بالواحدِ لَتَذرَّعَ الناسُ إلى القتلِ بأنْ يَتعمَّدوا قتْلَ الواحدِ بالجَماعةِ، ولكنْ للمُعتَرِضِ أنْ يقولَ: إنَّ هذا إنما كانَ يَلزمُ لو لم يَقتلْ مِنْ الجَماعةِ أحدٌ، فأما إنْ قتَلَ منهُم واحدٌ وهو الذي مِنْ قتْلِه يُظنُّ إتلافُ النفسِ غالبًا على الظنِّ فليسَ يَلزمُ أنْ يَبطلَ الحدُّ حتى يَكونَ سَببًا للتَّسليطِ على إذهابِ النفوسِ.

وعُمدةُ مَنْ قتَلَ الواحِدَ بالواحدِ قولُه تعالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] (١).

إذا أمسَكَ رَجلاً وقتَلَه آخَرُ قُتِلَ القاتِلُ:

إذا أمسَكَ رَجلًا عَمدًا على مَنْ يَقتلُه ظُلمًا فقتَلَه فإنَّ الفُقهاءَ اتَّفقُوا على أنه يُقتلُ القاتِلُ؛ لأنه قتَلَ مِنْ يُكافئُه عَمدًا بغَيرِ حَقٍّ.

واختَلفُوا هل يُقتلُ المُمسِكُ؟ أم يُحبَسُ إلى أنْ يَموتَ؟

فذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أن المُمسِكَ إذا لم يَعلمْ أنَّ القاتلَ يَقتلُه فلا شَيءَ عليهِ؛ لأنَّ مَوتَه ليسَ بفِعلِه ولا بأثرِ فِعلِه، وكذا لو أمسَكَه للَّعبِ أو للضَّربِ فلا قوَدَ على المُمسكِ؛ لأنه مُتسببٌ والقاتلُ مُباشرٌ، فسقَطَ حُكمُ المُتسببِ به.

وإنْ أمسَكَه له ليَقتلَه مِثلَ أنْ ضبَطَه له حتَّى ذبَحَه أو فتَحَ فمَهُ وسَقاهُ الآخَرُ سُمًّا فقُتلَ فإنْ المُمسِكَ يُحبَسُ حتى يَموتَ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، والقاتِلُ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٩٩، ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>