للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمْ يُفرِّقْ بينَ أنْ يَشترطَ الضَّمانَ أو لا يَشترطَ، ولأنَّ ما كانَ أَصلُه الأَمانةُ لمْ يَصرْ مَضمونًا بالشَّرطِ، كالمَضمونِ لا يَصيرُ أَمانةً بالشَّرطِ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : إذا شرَطَ ربُّ الوَديعةِ على المُستودَعِ ضَمانَ الوَديعةِ فقبِلَه أو قالَ أنا ضامِنٌ لها لمْ يَضمنْ، قالَ أَحمدُ في المُودَعِ إذا قالَ أنا ضامِنٌ لها فسُرقَت فلا شيءَ عليه، وكذلك كلُّ ما أَصلُه الأَمانةُ كالمُضاربَةِ ومالِ الشَّركةِ والرَّهنِ والوَكالةِ، وبهذا قالَ الثَّوريُّ والشافِعيُّ وإسحاقُ وابنُ المُنذرِ، وذلك لأنَّه شرَطَ ضَمانَ ما لم يُوجدْ سَببُ ضَمانِه فلمْ يَلزمْه، كما لو شرَطَ ضَمانَ ما يَتلفُ في يدِ مالِكِه (٢).

أَخذُ الأُجرةِ على الوَديعةِ:

كما تقَدمَ أنَّ الوَديعةَ أَمانةٌ في يدِ المُودَعِ باتِّفاقِ الفُقهاءِ إذا كانَت مِنْ غَيرِ عِوضٍ، إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا فيما لو كانَت بأُجرةٍ مُقابِلَ الحِفظِ، هل تَصيرُ مَضمونَةً أم تَظلُّ أَمانةً كما هي؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه لا فرقَ في الوَديعةِ بينَ أنْ تَكونَ بأَجرٍ أو بغَيرِ أَجرٍ، فهي أَمانةٌ مُطلَقًا، سَواءٌ كانَت بأَجرٍ أو بغَيرِ أَجرٍ؛ حيثُ إنَّ


(١) «البيان» (٦/ ٤٧٦، ٤٧٧).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٠٠، ٣٠١)، ويُنْظَر: «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٤)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٦٣)، و «ابن عابدين» (٨/ ٣٣١)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١١٥، ١١٦)، و «شرح الزرقاني» (٦/ ١١٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٤٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>