و «حَبْلُكِ على غارِبكِ» هوَ مُقدَّمُ السَّنامِ، أي: أنتِ مُرسَلةٌ مُطلَّقةٌ غَيرُ مَشدودةٍ ولا مُمسَكةٍ بعَقدِ النِّكاحِ.
وتَزوَّجِي مَنْ شِئتِ، وحَلَلْتِ للأزواجِ، ولا سَبيلَ لي عليكِ، ولا سُلطانَ لي عليكِ، وأَعتَقتُكِ، وغَطِّي شَعرَكِ، وتَقنَّعِي، وأمرُكِ بيَدكِ.
النَّوعُ الثَّاني: الكِنايةُ الخَفيَّةُ: لأنَّها أَخفَى في الدَّلالةِ مِنْ الأُولَى، وهي الألفاظُ المَوضوعةُ للطَّلقةِ الواحدةِ ما لم ينوِ أكثَرَ، نحوُ: اخرُجِي، واذهَبِي، وذُوقِي، وتَجرَّعِي، وخَلَّيتُكِ، وأنتِ مُخلَّاةٌ -أي مُطلَّقةٌ، مِنْ قَولِهم: خلَّى سَبيلِي، فهو مُخلًّى- وأنتِ واحدةُ -أي مُنفَردةٌ- ولستِ لي بامرأةٍ، واعتَدِّي، واستَبْرِئي -مِنْ استِبراءِ الإماءِ- واعتَزلِي -أي كُوني وَحْدَكِ في جانِبٍ- والحَقِي بأهلِكِ، ولا حاجَةَ لي فيكِ، وما بَقِيَ شيءٌ، وأعفاكِ اللهُ، واللهُ قد أراحَكِ مِنِّي، واختارِي، وجَرَى القَلَمُ، وكذا بلَفظِ الفِراقِ والسَّراحِ وما تَصرَّفَ مِنهُما غَيرُ ما تقدَّمَ استِثناؤُه في الصَّريحِ.
وقالَ ابنُ عَقيلٍ: «إنَّ اللهَ قَدْ طَلَّقَكِ» كِنايةٌ خَفيةٌ، وكذا «فرَّقَ اللهُ بَينِي وبَينكِ في الدُّنيا والآخِرةِ»، وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ في رَجلٍ قالَ لزَوجتِهِ: إنْ أَبرَأتِنِي فأنتِ طالِقٌ، فقالَتْ: أَبرأَكَ اللهُ ممَّا تَدَّعِي النِّساءُ على الرِّجالِ، فظَنَّ أنهُ يَبَرأُ فطلَّقَ قالَ: يَبْرَأُ ممَّا تَدَّعِي النِّساءُ على الرِّجالِ إنْ كانَتْ رَشيدةً.
فهذهِ المَسائِلُ الثَّلاثُ -أي: إنَّ اللهَ قَدْ طلَّقَكِ، وفَرَّقَ اللهُ بَينِي وبَينكِ في
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute