للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أنْ يَقولَ: «قَبِلتُ أو رَضيتُ أو هَويتُ»، أو ما يَدلُّ على هذا المَعنى (١).

قال ابنُ الهُمامِ : ولا تَصحُّ الكَفالةُ إلا بقَبولِ المَكفولِ له في المَجلسِ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ رَحِمهما اللهُ (٢)؛ وذلك لأنَّ الضَّمانَ ليس بالتِزامٍ مَحضٍ، بل فيه معنى التَّمليكِ، والتَّمليكُ لا يَتمُّ إلا بإيجابٍ وقَبولٍ، كالبَيعِ (٣).

فكان الإيجابُ وَحدَه شَطرَ العَقدِ، فلا يَتوقَّفُ على غائِبٍ عن المَجلسِ، كالبَيعِ.

الشَّرطُ الثالِثُ: العَقلُ:

وهذا الشَّرطُ لم يَشترِطْه غَيرُ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ -رحمهما الله-، وهو تَفريعٌ على قَولِهما باشتِراطِ القَبولِ في الضَّمانِ، فلا تَصحُّ الكَفالةُ عندَهم مِنَ المَجنونِ والصَّبيِّ الذي لا يَعقِلُ؛ لأنَّ المَكفولَ له لا تَتمُّ له الكَفالةُ إلا بقَبولٍ على الصَّحيحِ، فيَجِبُ أنْ يَكونَ مِنْ أهلِ القَبولِ، ولا تَصحُّ الكَفالةُ بقَبولِ وَليِّهما عنهما؛ لأنَّ القَبولَ يُعتبَرُ ممَّن وقَع له الإيجابُ، ومَن وقَع له الإيجابُ ليس مِنْ أهلِ القَبولِ، ومَن قُبِلَ لَم يَقعِ الإيجابُ له، فلا يُعتبَرُ قَبولُه (٤).


(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٥٦).
(٢) «فتح القدير» (٧/ ٢٠١).
(٣) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٥٥)، و «فتح القدير» (٧/ ٢٠٢)، و «المهذب» (١/ ٣٤٠).
(٤) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٧)، ويُنظر: «المجموع» (١٣/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>