على حالِه، وإنْ أمكَنَ رَفعُه بالتِزامِ ضَررٍ دونَه رفَعَه به، ولمَّا كانَت الشَّركةُ مَنشأَ الضَّررِ في الغالِبِ فإنَّ الخُلطاءَ يَكثُرُ فيهم بَغيُ بَعضِهم على بعضٍ، شرَعَ اللهُ سُبحانَه رَفْعَ هذا الضَّررِ بالقِسمةِ تارةً، وبانفِرادِ كلٍّ من الشَّريكَينِ بنَصيبِه وبالشُّفعةِ تارةً، وبانفِرادِ أحدِ الشَّريكَينِ بالجُملةِ إذا لم يَكُنْ على الآخَرِ ضَررٌ في ذلك، فإذا أرادَ بَيعَ نَصيبِه وأخْذَ عِوضِه كانَ شَريكُه أحَقَّ به من الأجنَبيِّ، وهو يَصلُ إلى غَرضِه من العِوضِ من أيِّهما كان، فكانَ الشَّريكُ أحَقَّ بدَفعِ العِوضِ من الأجنَبيِّ، ويَزولُ عنه ضَررُ الشَّركةِ، ولا يَتضرَّرُ البائِعُ؛ لأنَّه يَصلُ إلى حَقِّه من الثَّمنِ، وكانَ هذا من أعظَمِ العَدلِ وأحسَنِ الأَحكامِ المُطابِقةِ للعُقولِ والفِطَرِ ومَصالحِ العِبادِ، ومن هنا يُعلَمُ أنَّ التَّحيُّلَ لإِسقاطِ الشُّفعةِ مُناقِضٌ لهذا المَعنى الذي قصَدَه الشارِعُ ومُضادٌّ له (١).
حُكمُ الاحتِيالِ لإِسقاطِ الشُّفعةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الحِيلةِ لإِسقاطِ الشُّفعةِ، هل هي مُحرَّمةٌ أو مَكروهةٌ أو جائِزةٌ؟
فنَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّه حرُمَ التَّحايُلُ لإِسقاطِ الشُّفعةِ.
قالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: لا يَحلُّ الاحتِيالُ لإِسقاطِ الشُّفعةِ، وإنْ فعَلَ لم تَسقُطْ، قالَ أَحمدُ في رِوايةِ إِسماعيلَ بنِ سَعيدٍ: وقد سألتُه عن الحِيلةِ في إِبطالِ الشُّفعةِ فقالَ: لا يَجوزُ شَيءٌ من الحِيَلِ في ذلك، ولا في إِبطالِ حَقِّ مُسلمٍ. وبهذا قالَ أَبو أَيوبَ وأَبو خَيثَمةَ وابنُ أَبي شَيبةَ