للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الأوَّلُ: المُقرِضُ:

نَصَّ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنبَليَّةُ على أنَّه يُشترَطُ في المُقرِضِ أهليَّةُ التَّبرُّعِ فيما يُقرِضُه؛ لأنَّ القَرضَ فيه شائِبةُ تَبرُّعٍ، فلَم يَصحَّ إلا مِنْ جائِزِ التَّصرُّفِ، كالبَيعِ، فلا يَصحُّ قَرضُ الصَّبيِّ والمَجنونِ ونَحوِهما، وأنْ يَكونَ مُختارًا، فلا يَصحُّ قَرضُ المُكرَهِ، كسائِرِ عُقودِه.

قال الكاسانيُّ : أمَّا الذي يَرجِعُ إلى المُقرِضِ فهو أهلِيَّتُه لِلتَّبرُّعِ فلا يَملِكُه مَنْ لا يَملِكُ التَّبرُّعَ مِنَ الأبِ والوَصيِّ والصَّبيِّ والعَبدِ المأذونِ والمُكاتَبِ؛ لأنَّ القَرضَ لِلمالِ تَبرُّعٌ، ألَا تَرى أنَّه لا يُقابِلُه عِوَضٌ لِلحالِ؟ فكانَ تَبرُّعًا لِلحالِ، فلا يَجوزُ إلا ممن يَجوزُ منه التَّبرُّعُ، وهؤلاء ليسوا مِنْ أهلِ التَّبرُّعِ، فلا يَملِكونَ القَرضَ (١).

وقال الشافِعيَّةُ: لا يَصحُّ قَرضُ نَحوِ وَليِّ يَتيمٍ مِنْ مالِه، ولا ناظِرِ وَقفٍ منه، إلا لِضَرورةٍ.

ويَجوزُ ذلك لِلقاضي مُطلَقًا، ولو مِنْ غيرِ ضَرورةٍ؛ لِكَثرةِ أشغالِه، بشَرطِ يَسارِ المُقتَرَضِ منه وأمانَتِه وعَدَمِ الشُّبهةِ في مالِه، والإشهادِ عليه، وكذا أخْذُ رَهنٍ منه إنْ رآه القاضي.

وله أيضًا: إقراضُ مالِ المُفلِسِ بتلك الشُّروطِ إذا رَضيَ الغُرَماءُ بتأخيرِ القِسمةِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٩٤).
(٢) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٤٥٦، ٤٥٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٠، ٣١)، و «الديباج» (٢/ ١٦٧، ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>