للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الثاني بعدَ الحَطِّ؛ لأنَّ الحَطَّ أيضًا يُلحَقُ بأصلِ العَقدِ، فكانَتِ البَقيَّةُ بعدَ الحَطِّ رَأسَ المالِ، وهو الثَّمنُ الأوَّلُ، فيَبيعُه مُرابَحةً عليه.

أمَّا إذا كانَتِ الزِّيادةُ أو الحَطُّ قد اتُّفِقَ عليهما بعدَ لُزومِ البَيعِ، فقد قالَ الحَنفيَّةُ: إنَّ الزِّيادةَ التي يُعطيها المُشتَري لِلبائِعِ الأوَّلِ في الثَّمنِ الأوَّلِ تُلحَقُ بأصلِ العَقدِ، فيَبيعُ المُشتَري مُرابَحةً بالثَّمنِ المَعقودِ عليه مع الزِّيادةِ.

وكذلك لو حَطَّ البائِعُ الأوَّلُ عن المُشتَري شَيئًا مِنْ الثَّمنِ، فإنَّ الحَطَّ يُلحَقُ بالأصلِ؛ فإذا باعَ المُشتَري مُرابَحةً فإنَّ ثَمَنَ المُرابَحةِ هو الباقي بعدَ الحَطِّ، وكذلك الحالُ لو حَطَّ البائِعُ الأوَّلُ عن المُشتَري بعدَما باعَه المُشتَري مُرابَحةً؛ فإنَّ هذا الحَطَّ يَلحَقُ رَأسَ المالِ الذي باعَ به مع حَطِّ حِصَّتِه مِنْ الرِّبحِ؛ لأنَّ الحَطَّ يُلحَقُ بأصلِ العَقدِ، وقَضيةُ الحَطِّ مِنْ الرِّبحِ أنَّ الرِّبحَ يَنقسِمُ على جَميعِ الثَّمنِ؛ فإذا حُطَّ شَيءٌ مِنْ الثَّمنِ فلا بدَّ مِنْ حَطِّ حِصَّتِه مِنْ الرِّبحِ.

فإذا باعَ ما اشتَرَى مُرابَحةً ثم حَطَّ البائِعُ الأوَّلُ عن المُشتَري الأوَّلِ بَعضَ الثَّمنِ فإنَّه يَحُطُّ عندَ الثاني ذلك القَدْرِ وحِصَّتَه مِنْ الرِّبحِ، ولو حُطَّ الثَّمنُ كُلُّه لَم يُحَطَّ عندَ الثاني شَيءٌ.

وقالَ المالِكيَّةُ: لو تَجاوَزَ البائِعُ الأوَّلُ عن نُقودٍ زائِفةٍ ظَهَرتْ في الثَّمنِ الذي تَسلَّمَه ورَضيَ به ولَم يَرُدَّها إلى المُشتَري -يَعني أنَّه حَطَّها-، وكذلك لو وهَب البائِعُ الأوَّلُ شَيئًا مِنْ الثَّمنِ وأرادَ هذا المُشتَري أنْ يَبيعَ مُرابَحةً فإنَّه يَجِبُ عليه أنْ يُبيِّنَ لِمَنْ يَشتَري منه ما تَجاوَزَ عنه البائِعُ أو حَطَّه أو وهَبه

<<  <  ج: ص:  >  >>