للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّحيحُ ما قُلنا؛ لأنَّ الرِّبحَ نَماءُ مالِ اليَتيمِ فلا يَستحِقُّه غيرُه إلا بعَقدٍ، ولا يَجوزُ أنْ يَعقدَ الوَليُّ المُضاربةَ مع نَفسِه، فأمَّا إنْ دفَعَه إلى غيرِه فللمُضاربِ ما جعَلَه له الوَليُّ ووافَقَه عليه، أي: اتَّفَقا عليه في قَولِهم جَميعًا؛ لأنَّ الوَصيَّ نائِبٌ عن اليَتيمِ فيما فيه مَصلَحتُه، وهذا فيه مَصلَحتُه فصارَ تَصرُّفُه فيه كتَصرُّفِ المالِكِ في مالِه (١).

للوَصيِّ إِتلافُ مالِ الصَّغيرِ للمَصلحةِ:

قالَ الحَنفيةُ: لو خافَ الوَصيُّ أنْ يَستوليَ غاصِبٌ على المالِ فله أَداءُ شَيءٍ ليُخلِّصَه.

ورُويَ عن أَبي يُوسفَ: لو طمِعَ السُّلطانُ في مالِ اليَتيمِ فصالَحَه الوَصيُّ من مالِ اليَتيمِ على أقَلَّ ممَّا طمِعَ لم يَضمَنْ؛ لأنَّه مَأمورٌ بحِفظِ مالِ اليَتيمِ ما أمكَنَه، وقد أمكَنَه بهذه الطَّريقةِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: لو خافَ الوَصيُّ على مالِ اليَتيمِ ونَحوِه من استِيلاءِ ظالِمٍ عليه فله تَخليصُه بشَيءٍ منه ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: ٢٢٠].

وكذا لو علِمَ أنَّه لو لم يَبذُلْ شَيئًا لقاضي سُوءٍ لانتزَعَ منه المالَ وسلَّمَه لبعضِ خَونَتِه، وأدَّى ذلك إلى استِئصالِه، ويَجبُ أنْ يَتحرَّى في أقَلَّ ما يُمكنُ أنْ يَرضَى به الظالِمُ، والظاهِرُ تَصديقُه إذا نازَعَه المَحجورُ عليه بعدَ رُشدِه في بَذلِ ذلك وإنْ لم تَدلَّ القَرائنُ عليه.


(١) «المغني» (٤/ ١٦٤، ١٦٥)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٢١)، و «المبدع» (٤/ ٣٣٨).
(٢) «الاختيار» (٥/ ٨٦)، و «الأشباه والنظائر» (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>