للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ مُحمدٍ وعند أبي يُوسُفَ -رحمهما الله-، لا يُجاوزُ به نِصفَ ثَمنِ ذلك (١).

إذا عمِل أحَدُ الشَّريكَيْن في شَركةِ الأبدانِ ولَم يَعمَلِ الآخَرُ:

قال الحَنفيَّةُ: إنْ عمِل أحَدُهما دونَ الآخَرِ بأنْ مرِض أو سافَر أو بطَل فالأجرُ بينَهما على ما شرَطا؛ لأنَّ الأجرَ في هذه الشَّركةِ إنَّما يُستحَقُّ بضَمانِ العَملِ لا بالعَملِ؛ لأنَّ العَملَ قد يَكونُ منه، وقد يَكونُ مِنْ غَيرِه، كالقَصَّارِ والخَيَّاطِ، إذا استَعان برَجلٍ على القِصارةِ والخياطةِ أنَّه يَستحِقُّ الأجرَ، وإنْ لَم يَعملْ لِوُجودِ ضَمانِ العَملِ منه، وههنا شَرطُ العَملِ عليهما؛ فإذا عمِل أحَدُهما يَصيرُ الشَّريكُ القابِلُ عامِلًا لِنَفْسِه في النِّصفِ، ولِشَريكِه في النِّصفِ الآخَرِ، ويَجوزُ شَرطُ التَّفاضُلِ في الكَسبِ إذا شُرِط التَّفاضُلُ في الضَّمانِ بأنْ شرَطا لِأحدِهما ثُلثَيِ الكَسبِ، وهو الأجرُ، ولِلآخَرِ الثُّلثَ وشرَطا العَملَ عليهما كذلك، سَواءٌ عمِل الذي شُرِط له الفَضلُ أو لَم يَعملْ بعدَ أنْ شرَطا العَملَ عليهما؛ لأنَّ استِحقاقَ الأُجرةِ في هذه الشَّركةِ بالضَّمانِ، لا بالعَملِ، بدَليلِ أنَّه لو عمِل أحَدُهما استَحقَّ الآخَرُ الأجرَ، وإذا كان استِحقاقُ أصلِ الأجرِ بأصلِ ضَمانِ العَملِ، لا بالعَملِ، كان استِحقاقُ زيادةِ الأجرِ بزِيادةِ الضَّمانِ، لا بزيادةِ العَملِ (٢).

وقال الحَنابِلةُ: إنْ عمِل أحَدُهما دونَ صاحبِه فالكَسبُ بينَهما؛ لأنَّ العَملَ مَضمونٌ عليهما معًا، وبضَمانِهما له وجَبت الأُجرةُ، فيَكونُ لهما كما


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «العناية» (٨/ ٣٠٥)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٩١)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٤، ١٨٥)
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٧٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>