للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَديثُ الثاني: حديثُ سَهلةَ في سالمٍ أنه قالَ لها النبيُّ : «أرضِعيهِ خمْسَ رَضعاتٍ»، وحَديثُ عائِشةَ في هذا المعنَى أيضًا، قالَتْ: «كانَ فيما نزَلَ مِنْ القُرآنِ عَشر رَضعاتٍ مَعلوماتٍ، ثم نُسخْنَ بخَمسٍ مَعلوماتٍ، فتُوفِّيَ رَسولُ اللهِ وهُنَّ ممَّا يُقرأُ مِنْ القُرآنِ».

فمَن رجَّحَ ظاهرَ القُرآنِ على هذهِ الأحاديثِ قالَ: تُحرِّمُ المصَّةُ والمصَّتانِ.

ومَن جعَلَ الأحاديثَ مُفسِّرةً للآيةِ وجمَعَ بينَها وبينَ الآيةِ ورجَّحَ مَفهومَ دَليلِ الخِطابِ في قَولِه : «لا تُحرِّمُ المصَّةُ ولا المصَّتانِ» على مَفهومِ دليلِ الخِطابِ في حَديثِ سالمٍ قالَ: «الثلاثةُ فما فوقَها هي التي تُحرِّمُ»، وذلكَ أنَّ دليلَ الخِطابِ في قولِه: «لا تُحرِّمُ المصَّةُ ولا المصَّتانِ» يَقتضي أنَّ ما فوقَها يُحرِّمُ، ودليلُ الخِطابِ في قولِه: «أرضِعيهِ خَمسَ رَضعاتٍ» يَقتضي أنَّ ما دونَها لا يُحرِّمُ، والنظرُ في تَرجيحِ أحَدِ دَليلَي الخِطابِ (١).

الشَّكُّ في الرَّضاعِ أو في عَددِه:

نَصَّ الشافِعيةُ والحَنابلةُ القائِلونَ بأنه يُشترطُ العَددُ في الرَّضاعِ على أنَّ المرضِعةَ إذا شكَّتْ هل أرضَعَتْه أم لا؟ أو هل أرضَعَتْه خمْسَ رَضعاتٍ أو أربَعَ رَضعاتٍ؟ لم يَثبتِ التحريمُ؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُه، فلا نَزولُ عن اليَقينِ بالشكِّ، كما لو شكَّ الزوجُ هل طلَّقَ امرأتَه أم لا؟ وهل طلَّقَ ثلاثًا أو طَلقتينِ؟ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٧).
(٢) «المهذب» (٢/ ١٥٦)، و «المغني» (٨/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>