للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه مَجامعَ للكُفرِ، وما وُجدَ في هذه البِلادِ من البِيَعِ والكَنائسِ مِثلَ كَنيسةِ الرُّومِ في بَغدادَ فهذه كانَت في قُرى أهلِ الذِّمةِ فأُقِرَّت على ما كانَت عليه (١).

القِسمُ الثانِي: بِلادٌ أُنشِئت قبلَ الإسلامِ فافتتَحها المُسلِمونَ عَنوةً وملَكوا أرضَها وساكِنيها:

فهذه البِلادُ لا يَجوزُ أنْ يُحدَثَ فيها شَيءٌ من البِيَعِ والكَنائسِ بإجماعِ أهلِ العِلمِ، ولا يَجوزُ أنْ يُصالِحوا على استِئنافِ بِيَعٍ وكَنائسَ فيها.

قالَ ابنُ الهُمامِ : ما فتَحَه المُسلِمونَ عَنوةً لا يَجوزُ فيه إحداثُ شَيءٍ بالإجماعِ (٢).

وقالَ الإمامُ السُّبكيُّ : وهذا مُجمَعٌ عليه (٣).

إلا أنَّ العُلماءَ قد اختلَفوا فيما كانَ فيها من البِيَعِ والكَنائسِ قبلَ الفَتحِ، هل يَجوزُ إبقاؤُه أو يَجبُ هَدمُه؟ على ثَلاثةِ أقوالٍ، هي:

القَولُ الأولُ: لا يَجبُ هَدمُه، وهو قَولُ المالِكيةِ والشافِعيةِ في الصَّحيحِ -كما يَقولُ الماوَرديُّ- والحَنابِلةِ في المَذهبِ.

فأمَّا المالِكيةُ فقالَ الدَّرديرُ : وليسَ لعَنويٍّ إِحداثُ كَنيسةٍ ببَلدِ العَنوةِ.


(١) «المغني» (١٢/ ٦٩٥)، وانظر: «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٢٢).
(٢) «شرح فتح القدير» (٦/ ٥٨)، وانظر: «البحر الرائق» (٥/ ١٢٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٠٦)، و «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٢١)، و «المغني» (١٢/ ٦٩٦)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٣٠).
(٣) «فتاوى السبكي» (٢/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>