العَبدَ يَخرُجُ بالكِتابةِ مِنْ يَدِ مَولاه، مِنْ غيرِ أنْ يَدخُلَ في مِلكِه شيءٌ، فلا يَصيرُ قادرًا على تَسليمِ بَدَلِ الكِتابةِ.
وأمَّا قَولُ النَّبيِّ ﷺ:«مَنْ أسْلَمَ في شَيْءٍ؛ فليُسلِمْ في كَيلٍ مَعلومٍ ووَزنٍ مَعلومٍ إلى أجَلٍ مَعلومٍ»؛ فليس مَعناه الأمرَ بالتأجيلِ في السَّلَمِ، فيُمنَعُ الحالُّ، بل مَعناه مَنْ أسلَمَ في مَكيلٍ فليُسلِمْ في مَكيلٍ مَعلومٍ، أو في مَوزونٍ فليُسلِمْ في مَوزونٍ مَعلومٍ، أو إلى أجَلٍ؛ فليَكُنْ إلى أجَلٍ مَعلومٍ؛ لأنَّه لو لَم يَكُنْ كذلك لَكان أيضًا أمرًا بأنْ يَكونَ السَّلَم في مَكيلٍ أو مَوزونٍ، فلَم يَجُزْ في المَعدودِ والمَذروعِ؛ لأنَّ النَّسَقَ في الفُصولِ الثلاثةِ واحِدٌ.
وشَرطُ جَوازِ السَّلَمِ حالًّا عندَ الشافِعيَّةِ أنْ يَكونَ المُسلَمُ فيه مَوجودًا عندَ العَقدِ؛ فأمَّا ما لَم يُوجَدْ إلَّا بعدَ ذلك، كالرُّطَبِ في غيرِ أوانِه فلا يَجوزُ إلا مُؤجَّلًا.
فإنْ قيلَ: ما فائِدةُ العُدولِ مِنَ البَيعِ إلى السَّلَمِ الحالِّ؟
أُجيبَ بأنَّ فائدَتَه جَوازُ العَقدِ مع غَيبةِ المَبيعِ؛ فإنَّ المَبيعَ قد لا يَكونُ حاضرًا مَرئيًّا، فلا يَصحُّ بَيعُه، وإنْ أخَّره لِإحضارِه فربما فات على المُشتَري، ولا يتمَكَّنُ مِنَ الانفِساخِ؛ إذْ هو مُتعلِّقٌ بالذِّمَّةِ، فيَعدِلُ إلى السَّلَمِ، ويَصِفُ المالَ بصِفاتِه، ويُحضِرُه لِيَكونَ العَقدُ صَحيحًا لازِمًا.
إذا كان الأجَلُ مَعلومًا:
لا خِلافَ بينَ العُلماءِ على أنَّه يُشترَطُ في الأجَلِ أنْ يَكونَ مَعلومًا؛ لقَولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [البقرة: ٢٨٢]،