للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَراهةِ بأنَّ النُّعاسَ يَغلِبُ في هذه الأوقاتِ؛ فيَطرُدُه بالتَّنفُّلِ، خَوفًا مِنْ انتِقاضِ الوُضوءِ واحتياجِه إلى تَخَطِّي النَّاسِ، وقيلَ غيرُ ذلك، ولا تَلحَقُ بَقيَّةُ الأوقاتِ المَكروهةِ وقتَ الزَّوالِ يومَ الجمُعةِ على الصَحِيحِ؛ لانتِفاءِ هذا المَعنى، ويَعُمُّ عدمُ الكَراهيةِ وقتَ الزَّوالِ لِكلِّ أحَدٍ، وإن لم يَحضُرِ الجمُعةَ على الصَّحِيحِ.

وأمَّا مَكةُ -زادَها اللهُ تَعالى شَرَفًا- فلا تُكرَهُ الصَّلاةُ فيها في شَيءٍ من هذه الأوقاتِ، سَواءٌ صَلاةُ الطَّوافِ وغيرُها، على الصَّحِيحِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «لَا تَمنَعُوا أَحدًا طَافَ بهذا البَيتِ وَصلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ من لَيلٍ أو نَهَارٍ» (١).

وذَهب الحَنفيَّةُ والحَنابلَةُ في المَذهبِ إلى أنَّه تُكرَهُ الصَّلاةُ في نِصفِ النَّهارِ مُطلَقًا كَراهةً تَحريميَّةً؛ لحَديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهَنِيِّ أنَّه قالَ: «ثَلاث سَاعاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ يَنهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فيهنَّ، أو أَنْ نَقبُرَ فيهنَّ مَوتَانَا: حين تَطلُعُ الشَّمسُ بازِغَةً حتى ترتفِعَ، وَحِينَ يَقومُ قائِمُ الظَّهِيرَةِ، حتى تَمِيلَ الشَّمسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمسُ لِلغُروبِ، حتى تَغرُبَ» (٢)، ولأنَّه وقتُ نَهيٍ، فاستَوى فيه الجمُعةُ وغيرُها كسائرِ الأوقاتِ.

٢ - الصَّلاةُ بعدَ العَصرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الصَّلاةِ بعدَ العَصرِ وقبلَ غُروبِ الشَّمسِ، هل تَجوزُ أو لا؟


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٨٩٤)، والتِّرمذي (٨٦٨)، والنسائي (٥٨٥).
(٢) رواه مسلم (٩٣١)، ومعنى تَضَيَّفُ: أي تَميل إلى الغُروب.

<<  <  ج: ص:  >  >>