للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الأعمَى إذا وجَد زادًا وراحِلةً وقائدًا:

اختلَف الفُقهاءُ في الأعمَى إذا وجَد زادًا وراحِلةً وقائدًا، هل يَلزمُه الحَجُّ في مالِه أو يَلزمُه الحَجُّ بنَفسِه؟

فقال أبو حَنيفةَ في رِوايةِ الأصلِ عنه: لا حجَّ عليه بنَفسِه، وإنْ وجَد زادًا أو راحِلةً وقائدًا؛ وإنَّما يَجبُ في مالِه إذا كان له مالٌ؛ لأنَّ الأعمَى لا يَقدرُ على أداءِ الحَجِّ بنَفسِه؛ لأنَّه لا يَهتَدي إلى الطَّريقِ بنَفسِه، ولا يَقدرُ على ما لا بدَّ منه في الطَّريقِ بنَفسِه من الرُّكوبِ والنُّزولِ وغيرِ ذلك، فلم يَكنْ قادِرًا على الأداءِ بنَفسِه؛ بل بقُدرةِ غيرِ مُختارٍ، والقادِرُ بقُدرةِ غيرِ مُختارٍ لا يَكونُ قادِرًا على الإطلاقِ؛ لأنَّ فِعلَ المُختارِ يَتعلَّقُ باختيارِه، فلم تَثبتْ الاستِطاعةُ على الإطلاقِ؛ لأنَّ فِعلَ المُختارِ يَتعلَّقُ باختيارِه، فلم تَثبتْ الاستِطاعةُ على الإطلاقِ، ولهذا لم يَجبِ الحَجُّ على الشَّيخِ الكَبيرِ الذي لا يَستمسِكُ على الراحِلةِ، وإنْ كان ثَم غيرُه يُمسِكُه، كذا هذا.

وإنَّما فسَّر النَّبيُّ الاستِطاعةَ بالزادِ والراحِلةِ لكَونِهما من الأسبابِ الموصِّلةِ إلى الحَجِّ، لا لاقتِصارِ الاستِطاعةِ عليهما، ألَا تَرى أنَّه إذا كان بينَه وبينَ مكةَ بَحرٌ حاجِزٌ لا سَفينةَ ثَم، أو عَدوٌّ حائلٌ يَحولُ بينَه وبينَ الوُصولِ إلى البَيتِ، لا يَجبُ عليه الحَجُّ مع وُجودِ الزادِ والراحِلةِ، فثبَت أنَّ تَخصيصَ الزادِ والراحِلةِ ليس لاقتِصارِ الشَّرطِ عليهما؛ بل للتَّنبيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>