للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ إذا لم يَشهَدِ العِيدَ مع الإمامِ بالبَصرةِ جَمعَ أهلَه ومَواليَه، ثم قامَ عبدُ اللهِ ابنُ أَبي عُتبةَ مَولاهُ فصلَّى بهم رَكعَتينِ يُكبِّرُ فيهما»، ولأنَّه قَضاءُ صَلاةٍ، كانَ على صِفَتِها، كسائرِ الصَّلواتِ، وهو مُخيَّرٌ إن شاءَ صلَّاها وَحدَه، وإن شاءَ في جَماعةٍ، قيلَ لِأبي عبدِ اللهِ: أينَ يُصلِّي؟ قالَ: إن شاءَ مَضَى إلى المُصلَّى، وإن شاءَ حيثُ شاءَ (١).

مَكانُ أداءِ صَلاةِ العِيدِ:

ذهَبَ الفُقهاءُ إلى أنَّ كلَّ مَكانٍ طاهِرٍ يَصلُحُ أن تُؤدَّى فيه صَلاةُ العِيدِ، سَواءٌ كانَ مَسجدًا أو عَرصةً وَسطَ البَلدِ، أو مَفازةً في خارِجِها، إلا أنَّ جُمهورَ الفُقهاءِ (الحَنفيةَ والمالِكيةَ والحَنابلَةَ) قالوا: يُسنُّ الخُروجُ لها إلى المُصلَّى، في خارِجِ البَلدِ، أو الصَّحراءِ؛ تَأسِّيًا بما كانَ يَفعلُه النَّبيُّ ؛ فإنَّه كانَ يُصلِّيها في المُصلَّى، ويُداوِمُ عليها، إلا مِنْ عُذرٍ، فعَن أَبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ قالَ: «كانَ رَسولُ اللهِ يَخرجُ يومَ الفِطرِ والأضحَى إلى المُصلَّى» (٢). وكانَ يَدعُ مَسجدَه -الَّذي فيه الصَّلاةُ أفضَلُ مِنْ ألفِ صَلاةٍ فيما سِواهُ-، وكذلكَ الخُلفاءُ مِنْ بَعدِه، وما كانَ النَّبيُّ يَتركُ الأفضَلَ -وهو مَسجدُه- مع قُربِه، ويَتكلَفُ فِعلَ النَّاقصِ مع بُعدِه، ولا يُشرِّعُ لأُمتِه تَركَ الفَضائِلِ، ولأنَّنا قد أُمِرنا باتِّباعِ النَّبيِّ والاقتِداءِ به، ولا يَجوزُ


(١) «المغني» (٢/ ١٢٤، ١٢٥).
(٢) رواه البخاري (٩١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>