للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصَّومُ في الاعتِكافِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الاعتِكافِ هل يَصحُّ بغَيرِ صَومٍ أو لا؟

فذهَب أبو حَنفيةَ في رِوايةِ الحَسنِ عنه، ومِن مَشايخِ الحَنفيَّةِ مَنْ اعتمَد هذه الرِّوايةَ والمالِكيَّةُ وهو قَولٌ مَحكيٌّ عن الشافِعيِّ في القَديمِ، وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الاعتِكافَ لا يَصحُّ بغَيرِ صَومٍ لِما رُوي عن عائِشةَ مَرفوعًا: «لا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ» (١).

وعن ابنِ عُمَرَ أنَّ عُمَرَ جَعَلَ عليه أَنْ يَعْتَكِفَ في الْجَاهِلِيَّةِ لَيْلَةً أو يَوْمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَسَأَلَ النَّبيَّ فقال: «اعْتَكِفْ وَصُمْ» (٢).

ولِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فإنَّما ذكَر اللهُ الاعتِكافَ مع الصِّيامِ.

قال الإمامُ مالِكٌ: وعلى ذلك الأمرِ عندَنا أنَّه لا اعتِكافَ إلا بصيامٍ.

وقال القاضي عَبدُ الوَهَّابِ المالِكيُّ: لا يَصحُّ الاعتِكافُ بغَيرِ صَومٍ … لِقَولِ اللهِ ﷿: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، فقَصَر الخِطابَ على الصائِمِ، فلو لم يَكُنِ الصَّومُ من شَرطِ الاعتِكافِ لم يَكُنْ لذلك مَعنًى، ولأنَّ


(١) أخرجه الدار قطني (٢/ ١٩٩)، والحاكم (١/ ٤٤١)، والبيهقي (٤/ ٣١٧)، وضعَّفه الألبانيُّ في «الضعيفة» (٤٧٦٨)، وقال: المَحفوظُ عن عائِشةَ بلَفظِ: «والسُّنَّةُ فيمَن اعتكَف أنْ يَصومَ». أخرجه أبو داود (٢٤٧٣)، والبيهقي (٤/ ٣٢٠) وإسنادُه صحيحٌ.
(٢) رواه أبو داود (٢٤٧٤)، وقال الألباني: صحيحٌ دونَ قَولِه، «يومًا». وقَولِه: «صُم». «صحيح أبي داود» (٢١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>