للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيلاءِ؛ لأنَّ مدَّةَ التربُّصِ أربعةُ أشهُرٍ، وإنْ كانَ أكثَرَ مِنْ أربعةِ أشهُرٍ تَربَّصَ أربعةَ أشهُرٍ ثمَّ وُقفَ لها، فإما أنْ يَفيءَ أو يُطلِّقَ، وإنْ لم يُطلِّقْ طلَّقَ الحاكِمُ عليه، وهذا قولُ مالكٍ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: إنْ كانَ الطلاقُ أقَلَّ مِنْ ثلاثٍ ثمَّ ترَكَها حتى انقضَتْ عدَّتُها ثم نكَحَها عادَ الإيلاءُ، وإنِ استَوفَى عدَدَ الطلاقِ لم يَعُدِ الإيلاءُ؛ لأنَّ حُكمَ النكاحِ الأولِ زالَ بالكُليةِ، ولهذا تَرجعُ إليه على طَلاقٍ ثَلاثٍ، فصارَ إيلاؤُه في النكاحِ الأولِ كإيلائِه مِنْ أجنَبيةٍ.

وقالَ أصحابُ الشافعيِّ: يَتحصَّلُ مِنْ أقوالِه ثَلاثةُ أقاوِيلَ، قَولانِ كالمَذهبَينِ، وقَولُ ثالثٌ: لا يَعودُ حُكمُ الإيلاءِ بحالٍ، وهو قولُ ابنِ المُنذِرِ؛ لأنها صارَتْ بحالٍ لو آلَى منها لم يَصحَّ إيلاؤُه، فبطَلَ حُكمُ الإيلاءِ منها كالمُطلَّقةِ ثَلاثًا.

ولنا: إنه مُمتنِعٌ مِنْ وَطءِ امرَأتِه بيَمينٍ في حالِ نِكاحِها، فثبَتَ له حُكمُ الإيلاءِ كما لو لم يُطلِّقْ، وفارَقَ الإيلاءَ مِنْ الأجنَبيةِ؛ فإنه لا يَقصدُ باليَمينِ عليها الإضرارَ بها، بخِلافِ مَسألتِنا (١).

إذا جامَعَ في مدَّةُ الإيلاءِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ -إلا قَولًا للشافِعيةِ في القَديمِ- على أنَّ الزوجَ إذا آلَى مِنْ زَوجتِه وحلَفَ أنْ لا يُجامعَها أربعةَ أشهُرٍ فأكثرَ فجامعَها


(١) «المغني» (٧/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>