للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا على مَكروهٍ كتَعليمِ مَنطقٍ؛ لانتِفاءِ القُربةِ، ولا على مَعصيةٍ؛ لِما فيهِ مِنْ المَعونةِ عليهِما (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه لا يُشترطُ وُجودُ ظُهورُ القُربةِ، بل يَكفي انتِفاءُ المَعصيةِ كما سَيأتي مُفصَّلًا في المَسألةِ التَّاليةِ:

الوَقفُ على الأغنِياءِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَقفِ على الأغنِياءِ، هل يَصحُّ أم لا؟

فقالَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المَذهبِ -وهو قَولُ ابنِ تَيميةَ وابنِ القَيِّمِ-: لا يَصحُّ الوَقفُ على الأغنِياءِ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: ٧].

قالَ ابنُ تَيميةَ : فعُلِمَ أنَّ اللهَ يَكرَهُ أنْ يَكونَ المالُ دُولةً بينَ الأغنِياءِ وإنْ كانَ الغِنى وَصفًا مُباحًا، فلا يَجوزُ الوَقفُ على الأغنِياءِ، وعلى قِياسِه سائِرُ الصِّفاتِ المُباحةِ، ولأنَّ العملَ إذا لم يَكنْ قُربةً لم يَكنْ الواقفُ مُثابًا على بَذلِ المالِ فيه، فيَكونُ قد صرَفَ المالَ فيما لا يَنفعُهُ لا في حَياتِهِ ولا في مَماتِه، ثمَّ إذا لم يَكنْ للعامِلِ فيهِ مَنفعةٌ في الدُّنيا كانَ تَعذيبًا له بلا فائِدَةٍ تَصلُ إليهِ ولا إلى الواقفِ، ويُشبِهُ ما كانَتِ الجاهِليةُ تَفعلُه مِنْ الأحْباسِ المُنبَّهِ عليها في سورَةِ الأنعامِ والمائِدةِ.


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٨١، ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>