للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ ابنُ تَيميةَ وابنُ القَيمِ إلى أنَّ المَوطوءةَ بشُبهةٍ تُستبرأُ بحَيضةٍ واحِدةٍ، قالَ ابنُ القيِّمِ : وأما الزانيَةُ والمَوطوءةُ بشُبهةٍ فمُوجَبُ الدليلِ أنها تُستبرأُ بحَيضةٍ فقطْ، ونَصَّ عليهِ أحمَدُ في الزانيةِ، واختارَهُ شَيخُنا في المَوطوءةِ بشُبهةٍ، وهو الراجِحُ، وقياسُهُما على المطلَّقةِ الرَّجعيةِ مِنْ أبعَدِ القياسِ وأفسَدِه (١).

عِدَّةُ مَنْ استَدخلَتْ مَنيًّا إلى فَرجِها:

نَصَّ فُقهاءُ الحَنفيةِ والشافِعيةِ على أنَّ المَرأةَ إذا استَدخلَتْ مَنيًّا في فَرجِها تَظنُّه مَنيَّ زَوجِها وجَبَتِ العدَّةُ عليها كالمَوطوءةِ بشُبهةٍ.

قالَ الشافِعيةُ: إذا استَدخلَتِ المَرأةُ مَنيَّ مَنْ تَظنُّه زوْجَها وجَبَتِ العدَّةُ عليها كالمَوطوءةِ بشُبهةٍ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ : وفي كُتبِ الشافِعيةِ: «إذا أدخَلَتْ مَنيًّا فرْجَها ظنَّتْه مَنيَّ زَوجٍ أو سَيدٍ وجَبَتِ العدَّةُ عليها كالمَوطوءةِ بشُبهةٍ»، ولم أرَهُ لأصحابِنا، والقواعِدُ لا تَأباهُ؛ لأنَّ وُجوبَها لتُعرفَ بَراءةُ الرَّحمِ كما سَيأتي في الحُدودِ، ووُجوبُها بسَببِ أنَّ الشُّبهةَ تُقامُ مَقامَ الحَقيقةِ في مَوضعِ الاحتياطِ، وإيجابُ العدَّةِ مِنْ بابِ الاحتياطِ، ولا حِدادَ عليها في هذه العدَّةِ (٣).


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٨٨، ٩٠)، و «زاد المعاد» (٥/ ٦٤٩، ٦٥٠)، ويُنظَر: «المبدع» (٨/ ١٢٠)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٧٨، ٢٧٩)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣١٥، ٣٤٤).
(٢) «النجم الوهاج» (٨/ ١٢٤)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٩).
(٣) «البحر الرائق» (٤/ ١٥١)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>