وإذا بيَّنَه لوَرثتِه أو أَوصى بها وماتَ فتلِفَت فلا ضَمانَ عليه، ولا تُؤخذُ مِنْ تَركتِه، وكذا عندَ المالِكيةِ لو قالَ: هي بمَوضعِ كذا ولمْ تُوجدْ فلا يَضمنُها، وتُحملُ على أنَّها ضاعَت وهو مُصدَّقٌ (١).
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ المُودَعَ إذا ماتَ مُجهِلًا الوَديعةَ -ومَعنى تَجهيلِ الوَديعةِ: ألَّا يُبينَ حالَ الأَمانةِ التي عندَه، وهو يَعلمُ أنَّ وَارثَه لا يَعلمُ حالَها ولمْ يُشهدْ عليها- فإنَّه يَضمنُها بالتَّجهيلِ؛ لأنَّه بالتَّجهيلِ قد منَعَ الوَديعةَ عن ربِّها ظُلمًا، فصارَت دَينًا في تَركتِه.
فإذا عُرفَت بعَينِها وجَبَ ردُّها على مالِكِها، وربُّها أَحقُّ بها مِنْ الغُرماءِ؛ لأنَّ حقَّ الغُرماءِ بعدَ مَوتِ المَدينِ يَتعلقُ بمالِه دونَ مالِ سائرِ الناسِ، وكما كانُوا أَحقَّ بها في حَياةِ المَديونِ فكذلك بعدَ مَوتِه.
وإنْ لمْ تُعرفْ بعَينِها وكانَ على المَيتِ دَينٌ وله غُرماءُ قُسمَ المالُ بينهم
(١) «المبسوط» (١١/ ١٢٩)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٣، ٢١٤)، و «الأشباه والنظائر» (٢٧٣)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢٣٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٤٣٣)، و «درر الحكام» (٧/ ١٤٩، ١٥٠)، و «معين الحكام» ص (١٥٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٣، ١١٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣٠، ١٣١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٥٣، ٣٥٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ١٦٩، ١٧٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦٠٢)، و «المغني» (٦/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤٣)، و «شرح منتهى الإرادت» (٤/ ٢٥٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٠، ٢٢١).