للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الخامسُ: المَقضيُّ عليه:

المَقضيُّ عليه هو كلُّ مَنْ توجَّهَ عليه الحَقُّ، إمَّا بإِقرارِه إنْ كانَ ممَّن يَصحُّ إِقرارُه، وإمَّا بالشَّهادةِ عليه ويمينِ الاستبراءِ إنْ كانَ الحقُّ على ميتٍ أو على غائبٍ، وإمَّا بلددِه وتَغيبُه عن حُضورِ مَجلسِ الحُكمِ وقيامِ البَينةِ عليه، وإمَّا بالشَّهادةُ عليه ولَددِه عن الجَوابِ على طَبقِ الدَّعوى.

والمَقضيُّ عليهم أَنواعٌ: منهم الحاضرُ المالكُ أَمرَه، ومنهم الغائبُ.

فأمَّا الحاضرُ المالكُ أمَرَه إذا لمْ يَمتنعْ مِنْ الحُضورِ فلا يَجوزُ الحُكمُ عليه إلا بعدَ حُضورِه مَجلسَ الحُكمِ؛ لأنَّه أمكَنَ سُؤالُه فلمْ يَجزِ الحُكمُ عليه قبلَ سُؤالِه (١).

الحُكمُ على الغائبِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجوزُ للقاضِي أنْ يَحكمَ على الغائبِ أم لا يَجوزُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ للقاضِي أنْ يَقضيَ على غائبٍ؛ لأنَّه يَحتملُ الإِقرارَ والإِنكارَ مِنْ الخَصمِ، فيَشتبهُ وَجهُ القَضاءِ، ولأنَّ الغائبَ لا يَجوزُ القَضاءُ له، فكذا لا يَجوزُ القَضاءُ عليه. إلا أنْ يَحضرَ مَنْ يَقومُ مَقامَه، كالوَكيلِ أو مَنْ نصَّبَه القاضِي (٢).

إلا أنَّ ابنَ عابدينَ قالَ: «قالَ صاحبُ جامعِ الفُصولَينِ ما حاصلُه أَقولُ: «قد اضطربَتْ آراؤُهم في الحُكمِ على الغائبِ، وله فيَنبغي


(١) «تبصرة الحكام» (١/ ٧٥)، و «شرح ميارة» (١/ ٢٧)، و «معين الحكام» ص (٣٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و (٧/ ٨، ٩)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٢١٥)، و «اللباب» (٢/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>