للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اتَّفقَ أهلُ العِلمِ بالحَديثِ والآثارِ على أنَّ هذا لَم يَكنْ على عَهدِ القُرونِ الثلاثةِ المُفضَّلةِ (١).

القيامُ لِلجنازةِ:

أي: إذا مَرَّت الجنازةُ على مَنْ ليسَ معها فهل يَقومُ لها أو يَقعُدُ؟

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهم أيضًا إلى أنَّه لا يُستحَبُّ لمَن مَرَّت به جنازةٌ أنْ يَقومَ لها، بل يُكرَه له ذلك؛ لِما رُويَ أنَّ علِيَّ بنَ أَبي طالِبٍ قالَ: «رَأيْنا رَسولَ اللَّهِ قامَ، فقُمْنا، وقعَدَ فقَعَدْنا، يَعنِي في الجنازةِ» (٢). وقالوا: إنَّ أَحاديثَ القيامِ لها مَنسوخةٌ.

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ القيامَ وعَدمَه سَواءٌ، فقالَ: إنْ قامَ لَم أعِبْه، وإنْ قعَد فلا بأسَ.

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ عنه اختارَها شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى استِحبابِ القيامِ لمَن مَرَّت به جنازةٌ، وبه قالَ المُتولِّي والنَّوويُّ مِنْ الشافِعيةِ.

قال النَّوويُّ : وخالَفَ صاحِبُ التَّتمَّةِ الجَماعةَ فقالَ: يُستحَبُّ لمَن مَرَّت به جنازةٌ أنْ يَقومَ لها، وإذا كانَ معها لا يَقعُدُ حتى تُوضَعَ، قالَ النَّوويُّ: وهذا الذي قالَه صاحِبُ التَّتمَّةِ هو المُختارُ، فقد صَحَّت الأَحاديثُ بالأمرِ بالقيامِ، ولَم يَثبُتْ في القُعودِ شَيءٌ إلا حَديثَ علِيٍّ، وهو ليسَ صَريحًا


(١) «الفتاوى الكبرى» (٣/ ٣٥١).
(٢) رواه مسلم (٩٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>