اختَلفَ الفُقهاءُ فيما يُباحُ مِنْ سَمكِ البَحرِ وما لا يُباحُ:
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ جَميعَ ما في البَحرِ مِنْ الحيَوانِ مُحرَّمُ الأكلِ إلا السَّمكَ خاصَّةً بجَميعِ أنواعِه الجَريثِ والمارماهيِّ، فإنهُ يَحلُّ أكلُه إلا ما طفَا منهُ.
وأما غَيرُ السَّمكِ كالسَّرطانِ والسُّلحفاةِ والضِّفدعِ وخِنزيرِ الماءِ وكَلبِه وإنسانِه فلا يَحلُّ أكلُه ولا بَيعُه؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، وما سِوى السَّمكِ خَبيثٌ (١).
وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى حِلِّ جَميعِ ما في البَحرِ في الجُملةِ على تَفصيلٍ عندَهُم.
قالَ المالِكيةُ: صَيدُ البَحرِ كلُّه جائزٌ أكلُه، كَلبُه وخِنزيرُه، ما لَهُ شَبهٌ في البَرِّ وما لا شَبهَ له، لقَولِه تعالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ [المائدة: ٩٦]، فعَمَّ، وقولِه ﷺ:«هوَ الطَّهورُ ماؤُه الحِلُّ مَيتتُه»، ولأنهُ مِنْ صَيدِ البَحرِ كالسَّمكِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٥، ٣٦)، و «الهداية» (٤/ ٦٩)، و «الاختيار» (٥/ ١٨، ١٩)، و «البناية شرح الهداية» (١١/ ٦٠٥، ٦٠٩)، و «عمدة القاري» (٢١/ ١٠٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٧٤، ٤٧٥).