للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شُروطُ الشَّركةِ:

أولاً: شُروطُ الصِّيغةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في الصِّيغةِ، هل يُشترَطُ فيها لَفظُ يَدلُّ على الإذنِ في التَّصرُّفِ أم تَقومُ دِلالةُ الفِعلِ مَقامَ دِلالةِ اللَّفظِ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وابنُ سُريجٍ مِنَ الشافِعيَّةِ إلى أنَّ دِلالةَ الفِعلِ تَقومُ مَقامَ دِلالةِ اللَّفظِ.

قال الحَنفيَّةُ: رُكنُ الشَّركةِ: الإيجابُ والقَبولُ، وهو أنْ يَقولَ أحَدُهما: «شارَكتُكَ في كذا وكذا»، ويَقولَ الآخَرُ: «قَبِلتُ»، أي: في كذا مِنَ المالِ وفي كذا مِنَ التِّجاراتِ البَزازيةِ أو البَقاليةِ.

وليس اللَّفظُ المَذكورُ بلَازمٍ، بل المَعنى؛ لأنَّها عَقدٌ مِنَ العُقودِ، فيَنعقِدُ بما يَدلُّ عليه، ولهذا لو دفَع ألْفًا إلى رَجلٍ وقال: «أخرِجْ مِثلَها واشتَرِ، وما كان مِنْ رِبحٍ فهو بينَنا»، وقَبِل الآخَرُ أو أخذَهما وفعَل، انعقَدتِ الشَّركةُ (١).

وقال المالِكيَّةُ: لا تَختصُّ الشَّركةُ بلَفظٍ، بل تَنعقِدُ بكلِّ ما يَدلُّ عليها عُرفًا مِنْ قَولِ: «اشتَرَكْنا»، أي: يَقولُه كلٌّ منهما، أو يَقولُه أحَدُهما ويَسكُتُ الآخَرُ راضيًا به، أو: «شارِكْني»، ويَرضى الآخَرُ، أو بما يَقومُ مَقامَه مِنْ فِعلٍ، كخَلطِ المالَيْن والعَملِ بهما.

وتَلزمُ الشَّركةُ بمُجرَّدِ القَولِ، فلو أراد أحَدُهما المُفاصلةَ قبلَ الخَلطِ


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٦)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٥٤)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>