قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البرِّ ﵀: ذكَرَ إسماعيلُ بنُ أبِي أُويسٍ قالَ: سَمعْتُ مالِكًا يقولُ: أكرَهُ إذا بعَثَ الرَّجلُ رَجلًا يَخطبُ له امرأةً أنْ يَخطبَ الرَّسولُ لنَفسِه، وأراها خِيانةً، قالَ: ولم أسمَعْ أحَدًا أرخَصَ في ذلكَ.
قالَ أبو عُمرَ: ذلكَ عندِي على أنَّه لم يَذكرِ الرَّجلَ المُرسِلَ له، ولو ذكَرَه وذكَرَ نفْسَه لم يَكنْ بذلكَ بأسٌ على حَديثِ عُمرَ المَذكورِ، واللهُ أعلَمُ … وهو ما رواهُ ابنُ وَهبٍ في «مُوطَّئِه» قالَ: أخبَرَنا مَخْرمةُ بنُ بُكيرٍ عن أبيه عن عُبيدِ اللهِ بنِ سَعدٍ عنِ الحارثِ بنِ أبي ذُبابٍ أنَّ جَريرًا البَجليَّ أمَرَه عُمرُ بنُ الخطَّابِ أنْ يَخطبَ عليهِ امرأةً مِنْ دَوسٍ، ثمَّ أمَرَه مَروانُ بنُ الحَكمِ مِنْ بعدِه أنْ يَخطبَها عليه، ثمَّ أمَرَه عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ بعدَ ذلك، فدخَلَ عليها فأخبَرَها بهِم الأولَ فالأولَ، ثمَّ خطَبَها مَعهُم لنَفسِه، فقالَتْ: واللهِ ما أدرِي أتلْعَبُ أم أنتَ جادٌّ؟ قالَ: بل جادٌّ، فنكَحَتْه فولَدَتْ له ولَدَينِ (١).
وقالَ الحطَّابُ ﵀: قالَ البِساطيُّ: حُكمُ الرَّسولِ الخاطِبِ حُكمُ الاثنينِ، فإذا ركَنَتْ لمُرسِلِه لم يَجُزْ له أنْ يَخطبَ لنفسِه، وإلَّا جازَ. انتهى
السابعُ: إذا وكَّلَ رَجلٌ رجلًا على أنْ يزوِّجَه امرأةً فتزوَّجَها الوَكيلُ لنَفسِه فهي له، بخِلافِ الوكيلِ على شِراءِ سِلعةٍ فيَشتريها لنَفسِه، ففيهِ خِلافٌ مَذكورٌ في كِتابِ الوَكالةِ.
(١) «الاستذكار» (٥/ ٣٨٣)، و «التمهيد» (١٣/ ٢١، ٢٢)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٣٧، ٣٨).