للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُقوطُ حَدِّ القَذفِ:

يَسقطُ حَدُّ القَذفِ عن القاذِفِ في أحوالٍ:

الحَالةُ الأُولى: إذا أقامَ القاذِفُ البيِّنةَ على زِنَا المقذوفِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ القاذِفَ -واحِدًا أو أكثَرَ- إذا أتَى ببيِّنةٍ على زنَا المَقذوفِ -وهي أربَعةٌ مِنْ الشُّهودِ العُدولِ المُسلمينَ الذينَ تَقدَّمَ بَيانُهم- أنه لا حَدَّ عليهِ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٤].

وجهُ الدَّلالةِ: الآيةُ دَلَّتْ على أنَّ مَنْ قذَفَ مُحصَنةً ولم يَأتِ بأربعةِ شُهداءَ فإنَّ عليهِ القذفَ، وهي تَدلُّ بمَفهومِها على أنَّ مَنْ أتَى بأربَعةِ شُهداءَ فإنه لا حَدَّ عليهِ.

وعن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ هِلالَ بنَ أُميَّةَ قذَفَ امرَأتَه عندَ النبيِّ بشَريكِ بنِ سَحْماءَ، فقالَ النبيُّ : «البيِّنةَ أو حَدٌّ في ظَهرِكَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إذا رَأى أحَدُنا على امرَأتِه رَجلًا يَنطلِقُ يَلتمِسُ البيِّنةَ، فجعَلَ النبيُّ يَقولُ: البيِّنةَ وإلا حَدٌّ في ظَهرِكَ … » (١).

دَلَّ الحديثُ على أنَّ مَنْ قذَفَ آخَرَ بالزِّنا فإمِّا أنْ يأتِيَ بالبيِّنةِ ليسقطَ عنه الحَدُّ، أو لا يأتِيَ بالبيِّنةِ ويُقامُ عليه الحدُّ.

ولأن الحَدَّ إنما وجَبَ لدَفعِ عارِ الزِّنا عن المَقذوفِ، وإذا ظهَرَ زناهُ بشَهادةِ الأربَعةِ لا يَحتملُ الاندفاعَ بالحَدِّ (٢).


(١) رواه البخاري (٤٤٧٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>