للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَكونُ ذلك في اليَومِ الذي وجَدَها والأُسبوعُ أَكثرُ؛ لأنَّ الطَّلبَ فيه أَكثرُ، ولا يَجبُ فيما بعدَ ذلك مُتواليًا.

وقد رَوى الجَوزجانِيُّ بإِسنادِه عن مُعاويةَ بنِ عبدِ اللهِ عن زَيدٍ الجُهنيِّ قالَ: «نَزلْنا مُناخَ رَكْبٍ فوجَدتُ خِرقةً فيها قَريبٌ مِنْ مِائةِ دِينارٍ، فجِئتُ بها إلى عُمرَ فقالَ: عرِّفْها ثَلاثةَ أَيامٍ على بابِ المَسجدِ ثُم أَمسكْها حتى قَرنِ السَّنةِ ولا يَفدُ مِنْ رَكبٍ إلا نَشدتَها وقُلتَ: الذَّهبُ بطَريقِ الشَّامِ، ثُم شَأنُك بها» (١).

المَسألةُ الرابِعةُ: مَكانُ تَعريفِ اللُّقطةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ مَكانَ تَعريفِ اللُّقطةِ يَكونُ في مَجامعِ النَّاسِ كالأَسواقِ وأَبوابِ المَساجدِ والجَوامعِ.

قالَ الإِمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : التَّعريفُ عندَ جَماعةِ الفُقهاءِ فيما علِمتُ لا يَكونُ إلا في الأَسواقِ وأَبوابِ المَساجدِ ومَواضعِ العامَّةِ واجتِماعِ النَّاسِ (٢).

وقالَ الكاسانِيُّ : وأمَّا مَكانُ التَّعريفِ فالأَسواقُ وأَبوابُ المَساجدِ؛ لأنَّها مَجمعُ النَّاسِ ومَمرُّهم، فكانَ التَّعريفُ فيها أَسرعَ إلى تَشهيرِ الخبَرِ (٣).


(١) «المغني» (٦/ ٥)، ويُنْظَر: «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩١)، و «البيان» (٧/ ٥٢٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٥)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٢٦).
(٢) «التمهيد» (٣/ ١١٧).
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩١)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٦٤)، وقالَ ابنُ نجيمٍ الحَنفيُّ: قالَ السَّرخسيُّ: حُكي أن بعضَ العُلماءِ ببلخَ وجدَ لُقطةً وكانَ مُحتاجًا إليها وقد قالَ في نفسِه: لا بدَّ من تَعريفِها ولو عرَّفتُها في المصرِ ربما يَظهرُ صاحبُها، فخرجَ من المصرِ حتى انتَهى إلى رأسِ بئرٍ فدلَّى رأسَه في البئرِ وجعَلَ يَقولُ: وجَدتُ كذا فمن سمِعتُموه ينشدُ ذلك فدلوه عليَّ، وبجنبِ البئرِ رجلٌ يرقعُ شَملتَه وكانَ صاحبَ اللُّقطةِ، فتعلقَ به حتى أَخذَها منه، ليعلمَ أن المَقدورَ كائنٌ لا مَحالةَ فلا يَنبَغي له أن يتركَ ما لزِمَه شرعًا وهو إِظهارُ التَّعريفِ، قالَ النبيُّ: لا يَكثرْ همُّك ما يُقدرُ يكونُ وما تُرزقُ يَأتيكَ. اه
وهو خطأٌ من هذا المُلتقطِ؛ لأن هذا ليسَ بتَعريفٍ اتِّفاقًا. «البحر الرائق» (٥/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>