للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلاقُ الأخرَسِ:

الأخرَسُ إذا طلَّقَ زَوجتَه، فإمَّا أنْ يُطلِّقَها بالإشارةِ، أو بالكِتابةِ.

فإنْ طلَّقَها بالإشارةِ طَلُقتْ زَوجتُه، قالَ ابنُ قُدامةَ : وبهذا قالَ مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُ الرَّأيِ، ولا نَعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلكَ لأنهُ لا طَريقَ له إلى الطلاقِ إلا بالإشارةِ، فقامَتْ إشارَتُه مَقامَ الكَلامِ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ كالنكاحِ، فأمَّا للقادِرِ فلا يَصحُّ طَلاقُه بالإشارةِ كما لا يَصحُّ نِكاحُه بها، فإنْ أشارَ الأخرَسُ بأصابِعِه الثلاثِ إلى الطلاقِ طَلُقتْ ثلاثًا؛ لأنَّ إشارَتَه جرَتْ مَجرَى نُطقِ غيرِه (١).

قالَ الحَنفيةُ: طَلاقُ الأخرَسِ بالإشارةِ على وَجهَينِ، إنْ كانَتِ الإشارةُ يُعرَفُ بها كَلامُه وقَعَ، وإنْ كانَتْ له إشارةٌ لا يُعرَفُ بها كَلامُه لا يقَعُ؛ لأنَّا تَيقَّنَّا بقاءَ نِكاحِه وشَكَكْنا في زَوالِه، ولا يَزولُ بالشكِّ.

ثمَّ طَلاقُه المَفهومُ بالإشارةِ إذا كانَ دُونَ الثلاثِ فهو رَجعيٌّ.

وهذا إذا لم يَكنْ يُحسِنُ الكِتابةَ، فإنْ كانَ يُحسِنُ الكِتابةَ فعَلى قولَينِ في المَذهبِ:

أحَدُهما: إنْ كانَ يُحسِنُ الكِتابةَ لا يقَعُ طَلاقُه بالإشارةِ؛ لاندِفاعِ الضرورةِ بما هو أَدلُّ على المُرادِ مِنْ الإشارةِ.


(١) «المغني» (٧/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>