للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانيةُ: أنَّه قد يَموتُ قبلَ مَجيءِ صاحِبِها فيَأخذُها الوارِثُ، فإذا أَشهَدَ أَمِنَ.

قالُوا: ومَحلُّ استِحبابِ الإِشهادِ إذا لَم يَكنْ السُّلطانُ ظالِمًا يُخشى أنَّه إذا عَلِمَ بها أخَذَها، وإلا فيَمتنِعُ الإَشهادُ، وكذا التَّعريفُ (١).

إِذا ردَّ اللُّقطةَ إلى مَوضعِها بعدَ أنِ التقَطَها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ يَجدُ اللُّقطةَ فيَأخذُها ليَعرفَها ثُم يَبدو له فيَردُّها إلى مَوضعِها، هل يَضمنُها أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه لو أخَذَ اللُّقطةَ ثُم ردَّها إلى مَكانِها الذي أخَذَها مِنه لا ضَمانَ عليه في ظاهِرِ الرِّوايةِ، وكذا نصَّ عليه مُحمدٌ في المُوطأِ (٢)؛ لأنَّه أخَذَها مُحتسِبًا مُتبرِّعًا ليَحفظَها على صاحبِها، فإذا ردَّها إلى مَكانِها فقد فسَخَ التَّبرعَ مِنْ الأَصلِ، فصارَ كأنَّه لَم يَأخذْها أَصلًا، وبه تبيَّنَ أنَّه لَم يَلزمْ الحِفظُ، وإنَّما تبرَّعَ به وقد ردَّه بالردِّ إلى مَكانِها، فارتَدَّ وجُعلَ كأنْ لَم يَكنْ.

هذا إذا كانَ أخَذَها لصاحِبِها ثُم ردَّها إلى مَكانِها فضاعَت وصدَّقَه صاحِبُها فيه أو كذَّبَه، لكنَّ المُلتقِطَ قد كانَ أشهَدَ على ذلك، فإنْ كانَ لَم


(١) «النجم الوهاج» (٦/ ١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٥).
(٢) قالَ الكاسانِيُّ : وبعضُ مَشايخِنا قالوا: هذا الجوابُ فيما إذا رفَعَها ولَم يَبرحْ عن ذلك المكانِ حتى وضَعَها في مَوضعِها، فأما إذا ذهَبَ بها عن ذلك المكانِ ثم ردَّها إلى مكانِها يَضمنُ، وجوابُ ظاهرِ الرِّوايةِ مُطلقٌ عن هذا التَّفصيلِ مُستغنٍ عن هذا التَّأويلِ. «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>