للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبولُه للوَديعةِ؛ لأنَّه مِنْ أهلِ الحِفظِ، وأما الصَّبيُّ المَحجورُ الذي لمْ يُؤذنْ له في التَّجارةِ فلا يَصحُّ قَبولُ الوَديعةِ منه؛ لأنَّه لا يَحفظُ المالَ عادةً، ألا تَرى أنَّه مُنعَ مِنْ مالِه (١).

ج- ضَمانُ الصَّبيِّ للوَديعةِ إذا تلِفَت:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ الصَّبيَّ أو المَجنونَ -وكذا السَّفيهُ عندَ الجُمهورِ خِلافًا لأَبي حَنيفةَ-إذا أُودعَ أَحدُهم وَديعةً فتلِفَت الوَديعةُ عندَه مِنْ غيرِ تَفريطٍ فلا ضَمانَ على واحدٍ منهم؛ لأنَّه إذا لمْ يَجبِ الضَّمانُ في هذه الحالةِ على مَنْ صحَّ الإِيداعُ عندَه فلئلَّا يَجبَ على مَنْ لمْ يَصحَّ الإِيداعُ عندَه أولى.

وكذا لا ضَمانَ عليهم إذا تلِفَت الوَديعةُ بتَفريطٍ منهم في حِفظِها ما لمْ يُباشرْ أَحدٌ منهم إِتلافَها؛ لأنَّهم لمْ يَلزمْهم حِفظُها فلمْ يَلزمْهم الضَّمانُ عندَ التَّفريطِ.

إلا أنَّهم اختلَفُوا فيما لو استهلَكَها أو أتلَفَها هو، هل يَضمنُها أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأَصحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه إذا أُودعَ الصَّغيرُ وكذا السَّفيهُ أو المَجنونُ وَديعةً فأتلَفَها أو استهلَكَها بأَكلٍ أو بغيرِه أنَّه لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ المالِكَ سلَّطَهم على الإِتلافِ بالدَّفعِ إليهم فلا يَلزمُهم الضَّمانُ.

قالَ المالِكيةُ: مَنْ أودَعَ شَخصًا صَبيًّا أو سَفيهًا وَديعةً فأتلَفَها لمْ يَضمنْ ولو أذِنَ له أهلُه؛ لأنَّ ربَّها هو المُسلّطُ له عليها ما لمْ يُنصِّبْه وليُّه في حانوتِه


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٧)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>