للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهدَتْ له يَهودِيةٌ بخَيبَرَ شاةً مَصليَّةً، قالَ: فماتَ بِشرُ بنُ البَراءِ بنِ مَعرورٍ الأنصاريُّ، فأرسَلَ إلى اليَهوديةِ … فأمَرَ بها رَسولُ اللهِ فقُتلَتْ» (١)، ولأنَّ هذا يَقتلُ غالبًا ويُتخذُ طَريقًا إلى القَتلِ كَثيرًا، فأوجَبَ القِصاصَ كما لو أكرَهَه على شُربِه.

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ كانَ الطَّعامُ أو الشَّرابُ قد كسَرَ حِدةَ السُّمِّ فصارَ لا يَقتلُ غالبًا لم يَجبْ عليهِ القَودُ، وإنْ لم يَكسرْ حِدَّتَه فهو كما لو سَقاهُ السُّمَّ مُنفردًا فعَليهِ القودُ.

وقالَ الحَنفيةُ: ولو أطعَمَ غيرَه سُمًّا فماتَ فإنْ كانَ تَناولَ بنَفسِه فلا ضَمانَ على الذي أطعَمَه؛ لأنه أكَلَه باختِيارِه، لكنَّه يُعزَّرُ ويُضرَبُ ويُؤدَّبُ؛ لأنه ارتَكبَ جِنايةً ليسَ لها حَدٌّ مُقدَّرٌ، وهي الغُرورُ.

فإنْ أوجَرَه السُمَّ فعَليهِ الدِّيةُ (٢).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يُقدِّمَ له السُّمَّ ولا يُكرِهَه على تَناولِه:

إذا قدَّمَ له السمَّ ولم يُكرِهْه على ذلكَ وإنما ناوَلَه إياهُ فشَربَه وهو عالِمٌ به فلا ضَمانَ على الدافعِ؛ لأنه قتَلَ نفسَه باختِيارِه أو بتَفريطِه كما نَصَّ على ذلكَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ.

وإنْ خلَطَه بطَعامٍ أو شَرابٍ وقدَّمَه إليه فأكَلَه أو أهداهُ إليهِ أو خلَطَه بطَعامِ رَجلٍ ولم يَعلمْ ذلكَ وجَبَ عليهِ القَودُ عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ في


(١) حَسَنٌ: رواه أبو داود (٥٤١١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>