للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب الحَنابِلةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ ومُتأخِّرو الحَنفيَّةِ -وهو المُفتَى به عندَهم- إلى أنَّ مَنْ اشتَرَى أو باعَ شَيئًا وقد غُبِنَ فيه غَبنًا فاحِشًا ثبَت له الخيارُ؛ فلَه أنْ يَفسَخَ البَيعَ، ولَه أنْ يُمضيَه بلا أرْشٍ؛ لأنَّه غَبنٌ حصَل لِجَهلِه بالمَبيعِ، فأثبَتَ الخيارَ، كالغَبنِ في تَلَقِّي الرُّكبانِ، ولقولِ اللهِ : ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨]، وهذا مِنه، ولِنَهيِه عن إضاعةِ المالِ، ومَن اشتَرَى باذنجةً أو بَصلةً بدينارٍ فقد أضاعَ مالَه، ولقولِه : «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ»، وفي إلزامِنا المُشتَريَ فيما يُساوي دِرهَمًا بمِئةٍ الثُّبوتَ على المُشتَرَى إضرارٌ به، ولِنَهيِه عن تَلَقِّي الرُّكبانِ لِلمَبيعِ.

ولقولِه : «مَنْ تَلَقَّى سِلعةً فصاحِبُها بالخيارِ إذا دخَل السُّوقَ».

وذلك يُفيدُ أنَّ الغَبنَ يُؤثِّرُ في الخيارِ؛ لأنَّه لا مَعنَى له سِواه، ولأنَّه نَوعٌ مِنْ الغَبنِ في الأثمانِ؛ فكانَ مُؤثِّرًا في ثُبوتِ الخِيارِ، أصلُه تَلَقِّي الرُّكبانِ، ولأنَّه نقَص بتَغييرِ الثَّمنِ، فكانَ جَديرًا بالخيارِ أصلُه العَيبُ.

مِقدارُ الغَبنِ:

وشَرطُ ثُبوتِ الخيارِ بالغَبنِ عندَ الحَنابِلةِ في المَذهبِ أنْ يَكونَ فاحِشًا يَخرُجُ عن العادةِ، ويَرجِعُ ذلك إلى العُرفِ؛ لأنَّه لَم يَرِدِ الشَّرعُ بتَحديدِه، فرجَع فيه إلى العُرفِ. وقيلَ: يُقدَّرُ الغَبنُ بالثُّلُثِ، وقيلَ: بالرُّبُعِ، وقيلَ: بالسُّدُسِ، وقيلَ: يثبُتُ الخيارُ بمُجرَّدِ الغَبنِ، وإنْ قَلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>