للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وهذا الحَدُّ يَستحقُّه المَقذوفُ، فلا يُستوفَى إلا بطَلبِه باتِّفاقِ الفُقهاءِ (١).

وقالَ الإمامُ الدَّميريُّ : لا يُستوفَى إلا بطَلبِه بالاتِّفاقِ (٢).

عَفوُ المقذوفِ عن حَدِّ القذفِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو طلَبَ المَقذوفُ إقامةَ الحَدِّ ثمَّ عَفى عن القاذفِ، هل يَسقطُ الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ -وهو مَحكيٌّ عن أبي يُوسفَ مِنْ الحَنفيةِ، وحكاهُ ابنُ تَيميةَ عن جُمهورِ الفُقهاءِ- إلى أنه يَسقطُ الحدُّ بعفوِ المَقذوفِ عن القاذفِ؛ لِمَا رُويَ عنه أنه قالَ: «أيَعجزُ أحَدُكم أنْ يكونَ كأبِي ضَمْضَمٍ؛ كانَ إذا أصبحَ يَقولُ: تَصدَّقتُ بعِرضِي … » (٣)، والصَّدقةُ بالعِرضِ لا تكونُ إلا بالعَفوِ عمَّا وجَبَ له؛ لأنه حَقٌّ لا يُستوفَى إلا بعدَ مُطالَبتِه باستيفائِه، فسقَطَ بعَفوِه كالقِصاصِ، وفارَقَ سائِرَ الحُدودِ؛ فإنه لا يُعتبَرُ في إقامتِها الطَّلبُ باستيفائِها.

ولأنَّ المُغلَّبَ فيه أنه حَقٌّ للعبدِ، فيَسقطُ بعَفوِه (٤).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٨٢).
(٢) «النجم الوهاج» (٩/ ١٤٢).
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٦٢).
(٤) «النجم الوهاج» (٩/ ١٤٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٥٥)، و «المغني» (٩/ ٧٧)، و «منار السبيل» (٣/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>