للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاحِدُ العارِيةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ جاحدِ العاريةِ، هل تُقطَعُ يَدُه أم لا؟

فذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ القَطعَ يَجبُ على مَنْ جحَدَ العارِيةَ؛ لِمَا رَوتْ عائِشةُ قالَتْ: «كانَتِ امرأةٌ مَخزومِيةٌ تَستعيرُ المَتاعَ وتَجحَدُه فأمَرَ النبيُّ أنْ تُقطَعَ يَدُها، فأتَى أهلُها أُسامةَ بنَ زَيدٍ فكَلَّموهُ، فكلَّمَ أُسامةُ النبيَّ فيها، فقالَ له النبيُّ : يا أُسامةُ لا أرَاكَ تُكلِّمُني في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ ﷿، ثمَّ قامَ النبيُّ خَطيبًا فقالَ: إنَّما هلَكَ مَنْ كانَ قبلَكُم بأنهُ إذا سرَقَ فيهمُ الشَّريفُ تَرَكوهُ، وإذا سرَقَ فيهمُ الضَّعيفُ قَطَعوهُ، والذي نَفسِي بيَدِه لو كانَتْ فاطِمةُ بنتُ مُحمدٍ لَقطَعْتُ يَدَها، فقطَعَ يَدَ المَخزوميَّةِ» (١)، فهذا صَريحٌ في أنَّ القَطعَ كانَ لجَحدِ العارِيةِ، وتَسميتُها سارِقةً في الصَّحيحِ دَليلٌ على أنَّ جاحِدَ العارِيةِ يُسمَّى سارِقًا، والاعتِبارُ بالتَّسميةِ الشَّرعيةِ (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه لا قطْعَ على مَنْ جحَدَ العاريةَ؛ لحَديثِ جابرِ بنِ عَبدِ الله : قالَ رَسولُ اللهِ : «ليسَ على الخائِنِ قَطعٌ» (٣).


(١) رواه مسلم (١٦٨٨)، وأبو داود (٤٣٧٤)، وأحمد (٢٥٣٣٦).
(٢) «المغني» (٩/ ٩٣، ٩٤)، و «الكافي» (٤/ ١٧٤)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٢٣، ١٢٤)، و «المبدع» (٩/ ١٥٥)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٦٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٣٥).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٣٩١، ٤٣٩٢)، والنسائي (٤٩٧٣، ٤٩٧٤)، وأحمد (١٥١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>