وَقتُ اختِبارِ الصَّبيِّ هل يَكونُ قبلَ البُلوغِ أو بَعدَه؟
اختَلَف الفُقهاءُ في وَقتِ الاختبارِ، هل يَكونُ قبلَ البُلوغِ أم بَعدَه؟
فذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الاختبارَ إنَّما يَكونُ بعدَ بُلوغِ اليَتيمِ الحُلُمَ؛ لأنَّ الآيةَ قد تَضمَّنتِ المَنع مِنْ أنْ يُدفَعَ لِلصَّغيرِ شَيءٌ مِنْ مالِه، وأنَّ الاختبارَ هو الذي يُثمِرُ العِلمَ بالرُّشدِ بما يَكونُ بالتَّصرُّفِ في المالِ، فإذا منَع الشَّرعُ مِنْ دَفعِه إليه انحَسَم طَريقُ العِلمِ المُؤدِّي إلى العِلمِ بالرُّشدِ، فوَجَب مِنْ أجْلِ هذا أنْ يَكونَ الاختبارُ بعدَ البُلوغِ.
وأيضًا فإنَّ قَولَ اللهِ ﷾: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ [النساء: ٦] ومعناه عَلِمتُم، وإنْ كانَ فِعلًا ماضِيًا فهو إذا وُضِعَ بعدَ حَرفِ الشَّرطِ كان للاستِقبالِ، فاقتَضى هذا كَونَ دَفعِ المالِ بعَمَلٍ يَحصُلُ في الاستِقبالِ، والعِلمُ لا يَحصُلُ إلا باختِبارٍ، فاقتَضى هذا أنَّ الاختِبارَ إنَّما يَكونُ بعدَ البُلوغِ.
وذهَب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وبَعضُ المالِكيَّةِ إلى أنَّ الاختبارَ يَكونُ قبلَ البُلوغِ؛ لقَولِ اللهِ ﷾: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ [النساء: ٥]، فجعَل الاختبارَ قبلَ بُلوغِ النِّكاحِ، وهو الاحتِلامُ، واليَتيمُ إنَّما يَقَعُ على غيرِ البالِغِ، ولا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute