للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُقالُ: «إنَّ الابنَ يَلزمُه لأبيهِ ما لا يَلزمُ الأبَ له، ولهذا لا يُقتصُّ منهُ».

ولأنَّ حُرمةَ الأبِ آكَدُ مِنْ حُرمةِ الابنِ؛ وذلكَ لأنَّ تأكُّدَ الحُرمةِ جعَلَ الوَلدَ كأعضاءِ الأبِ، حتَّى لا يُقتَصُّ مِنهُ، فكذلكَ حُرمتُه في حَقِّ ابنِه؛ فجُعِلَ كالابنِ، فلا يَجبُ عَليهِ ما لا يَجبُ على نفْسِه لنفْسِه.

ولأنَّ الإعفافَ كما لم يَلزمِ الابنَ لنفْسِه لم يَلزمْه لأبيهِ، كالتَّمكينِ مِنْ المالِ، وعَكسُه الطَّعامُ والكِسوةُ، ولأنَّه أحَدُ الوالِدَينِ، فلا يَجبُ على الابنِ إعفافُه، كالأمِّ (١).

حُكمُ إرضاعِ الصَّغيرِ:

لا خِلافَ بيْنَ فُقهاءِ الأمَّةِ على أنَّه يَجبُ إرضاعُ الطِّفلِ الصَّغيرِ إذا كانَ مُحتاجًا إليهِ ولا يَعيشُ إلَّا عَليهِ وكانَ في سِنِّ الرَّضاعِ فحِينئذٍ تُجبَرُ عَليهِ، قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وهَذا قَولُ عامَّةِ العُلماءِ (٢).

هل يَجبُ على الأمِّ إرضاعُ ولَدِها؟

الأمُّ إمَّا أنْ تكونَ مُطلَّقةً مِنهُ وانتَهتْ مِنْ عدَّتِها، وإمَّا أنْ تكونَ في عِصمةِ الزَّوجِ.

الحالَةُ الأُولى: أنْ تكونَ الأمُّ بائِنةً ومفارقةً لزوجها:

فإنْ كانَتْ مُطلَّقةً مِنهُ وانتَهتْ مِنْ عدَّتِها فلا يَجبُ عَليها إرضاعُ ولَدِها


(١) «التجريد» للقدوري (٩/ ٤٤٩٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>