للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المواضع التي يجب فيها مهر المثل]

ذكَرَ الفُقهاءُ مَواضِعَ يَجبُ فيها مَهرُ المِثلِ اتِّفاقًا، ومَواضِع اختَلفُوا فيها، وهيَ على التَّفصيلِ التَّالي:

أ - التَّفويضُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ وغَيرُهم على أنَّ نِكاحَ المُفوّضةِ السَّابقِ ذِكرُه بالتَّفصيلِ -بأنْ تَزوَّجَ امرأةً ولم يُسمِّ لها صَداقًا- أنَّ النِّكاحَ صَحيحٌ، وكذا عِنْدَ الجُمهورِ خِلافًا للمالِكيةِ -كما تَقدَّمَ- لو اشتَرطَا في عَقدِ النِّكاحِ إسقاطَ المَهرِ أو نفْيَه أو أنْ لا مَهرَ فإنَّ النِّكاحَ صَحيحٌ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦]، فأثبَتَ الطَّلاقَ مِنْ غَيرِ فَرضٍ، والطَّلاقُ لا يَقعُ إلَّا في نِكاحٍ صَحيحٍ؛ لأنَّ اللهَ رَفَعَ الجُناحَ عمَّنْ طلَّقَ في نِكاحٍ لا تَسميةَ فيهِ، والطَّلاقُ لا يكونُ إلَّا بعْدَ النِّكاحِ، فدَلَّ على جَوازِ النِّكاحِ بلا تَسميةٍ.

وعَن عَلقَمةَ والأسوَدِ عنْ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ أنَّ رَجلًا أتاهُ فسَألَهُ عنْ رَجلٍ تزوَّجَ امرأةً فماتَ عَنها ولمْ يَدخُلْ بها ولمْ يَفرِضْ لها، فلم يَقُلْ شيئًا ورَدَّدهُم شَهرًا، ثمَّ قالَ: أقولُ برأيِي، فإنْ كانَ صوابًا فمِنَ اللَّهِ، وإنْ كانَ خطأً فمِن قِبَلِي، أرَى لها صَداقَ نِسائِها، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، وعليها العدَّةُ ولها الميراثُ، فقامَ فُلانٌ الأشجَعيُّ وقالَ: «قَضَى رَسولُ اللَّهِ في بَروَعَ بِنتِ واشِقٍ بمِثلِ ذلكَ، قالَ: ففَرِحَ عبدُ اللهِ بذلكَ وكبَّرَ» (١).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢١٤)، والترمذي (١١٤٥)، وابن ماجه (١٨٩١)، وابن حبان في «صحيحه» (٤١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>