يُشترطُ لقِصاصِ الطَّرَفِ -وهو بفَتحِ الرَّاءِ: ما له حَدٌّ يَنتهي إليهِ كأُذنٍ ويدٍ ورِجلٍ- ولقِصاصِ الجُرحِ -بضُمِّ الجيمِ- ولغَيرِهِما ممَّا دُونَ النَّفسِ ما شُرطَ للنَّفسِ، وبَيانُها فيما يلي:
الشَّرطُ الأولُ: أنْ يكونَ الجاني مُكلَّفًا:
فإنْ كانَ الجاني صَغيرًا أو مَجنونًا فلا يُقتصُّ منهُما؛ لأنَّ عمْدَهُما وخَطأَهُما سَواءٌ، والدِّيةُ على عاقِلتِهما عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ.
قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: وأجمَعَ العُلماءُ أنَّ ما جَناهُ المَجنونُ في حالِ جُنونِه هَدرٌ وأنه لا قوَدَ عليهِ في ما يَجني، فإنْ كانَ يَفيقُ أحيانًا ويَغيبُ أحيانًا فما جَناهُ في حالِ إفاقتِه فعَليهِ فيه ما على غيرِه مِنْ البالغينَ غيرِ المَجانينِ.
وأجمَعَ العُلماءُ أنَّ الغُلامَ والنائِمَ لا يَسقطُ عنهُما ما أتلَفَا مِنْ الأموالِ، وإنما يَسقطُ عنهُم الإثمُ، وأما الأموالُ فتُضمَنُ بالخَطأِ كما تُضمَنُ بالعَمدِ.
والمَجنونُ عندَ أكثَرِ العُلماءِ مثلُهما (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: لا خِلافَ بينَ أهلِ العِلمِ أنه لا قِصاصَ على صَبيٍّ ولا مَجنونٍ، وكذلكَ كلُّ زائلِ العَقلِ بسَببٍ يُعذَرُ فيه مثلَ النائمِ والمُغمَى عليهِ ونَحوِهما، والأصلُ في هذا قَولُ النبيِّ ﷺ: «رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ: عن الصبيِّ حتى يَبلغَ، وعن النائمِ حتَّى يَستيقظَ، وعن