للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمُسلِمِ، ولا يُقرِّبَها منه، وإنْ كانَ هذا كَلامًا عَربيًّا، وإنَّما معناه أنْ يُعطيَ الفارِسَ سَهمًا له، وسَهمَينِ بسَببِ فَرسِه؛ لأنَّ اللهَ ندَبَ إلى اتِّخاذِ الخَيلِ، فقالَ: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠] الآيةَ، وأعطاهم رَسولُ اللهِ كما وصَفْنا؛ فإنَّما سَهما الفَرسِ لراكِبِه لا للفَرسِ، والفَرسُ لا يَملِكُ شَيئًا، إنَّما يَملِكُه فارِسُه بغِذاءِ الفَرسِ والمُؤنةِ عليه فيه، وما ملَّكَه به رَسولُ اللهِ (١).

الإسهامُ لأكثرَ من فَرَسٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجوزُ الإسهامُ لأكثَرَ من فَرسٍ أو لا؟

فقالَ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ وزُفَرُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ: لا يُسهَمُ لأكثَرَ من فَرسٍ واحِدٍ؛ لأنَّ الإسهامَ للخَيلِ في الأصلِ ثبَتَ على مُخالَفةِ القياسِ، إلا أنَّ الشَّرعَ ورَد به لفَرسٍ واحِدٍ، فالزِّيادةُ على ذلك تُرَدُّ إلى أصلِ القياسِ. ولأنَّه مَعلومٌ أنَّ الجَيشَ قد كانُوا يَغزونَ مع رَسولِ اللهِ بعدَما


(١) «الأوسط» (١١/ ١٥٥، ١٦٥)، وانظر: «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٤٧) وما بعدها، و «بدائع الصنائع» (٧/ ١٢٦)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٩٣، ٤٩٦)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ٢٤٣، ٢٤٤)، و «المدونة الكبرى» (٣/ ٣٣)، و «الشرح الكبير» للدردير (٢/ ١٩٣)، و «شرح ابن بطال» (٥/ ٦٧)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ١٥)، و «الذخيرة» (٣/ ٤٢٥)، و «الأم» (٤/ ٧٠)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٤١٤)، و «المهذب» (٢/ ٢٤٥)، و «شرح مسلم» للنووي (١٢/ ٨٣)، و «المغني» (٩/ ٢٠٢)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٠٦، ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>