إلا أنَّ للفُقهاءِ كَلامًا في عِدةِ مَسائِلَ في الصِّيغةِ كالاستِثناءِ في الإِقرارِ وتَعليقِ الإِقرارِ على المَشيئةِ وعلى شَرطٍ وغَيرِ ذلك، وبَيانُه في مَسائِلَ على التَّفصيلِ الآتي:
أولاً: الاستِثناءُ في الإِقرارِ:
الاستِثناءُ: لُغةً مِنْ الثُّنيا، وهي الرُّجوعُ، يُقالُ: ثَنى بمَعنى رجَعَ، ومنه اثنانِ؛ لأنَّ اثنَينِ رُجوعُ واحِدٍ مع آخَرَ معه.
وأمَّا في الاصطِلاحِ: فهو إِخراجُ بَعضِ أَفرادِ العامِ ب «إلا» أو إِحدى أخَواتِها، -ك «سِوى» و «خَلا» و «عَدا» و «حاشا» و «غَير» - تَحقيقًا أو تَقديرًا، والأوَّلُ المُتَّصِلُ: ك «قامَ القَومُ إلا زَيدًا»، والثاني المُنقَطِعُ: ك «عِندي ثَوبٌ إلا دِرهمًا»، وليسَ مُرادًا هُنا، وإِطلاقُ الاستِثناءِ عليه مَجازٌ بل المُرادُ هُنا الأوَّلُ.
أو نَقولُ: إِخراجُ ما لَولاه لدخَلَ في الكَلامِ ب «إلا» أو إِحدى أخَواتِها، فإذا قُلتَ:«قامَ القَومُ إلا زيدًا»، فلَولا هذا الاستِثناءُ لَكانَ زَيدٌ قائمًا، «وقامَ القَوم غيرَ زَيدٍ»، و «قامَ القَومُ سِوى زَيدٍ»، و «قامَ القَومُ حاشا زيدًا»، و «قامَ القَومُ لا يَكونُ زيدًا»، و «قامَ القَومُ ليسَ زَيدًا»، فكلُّ أدَواتِ الاستِثناءِ مِثلُ «إلا».
قالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: اعلَمْ أنَّ الاستِثناءَ يَصحُّ بجَميعِ حُروفِه المُستَعمَلةِ فيه، وهي:«إلا، وغَيرُ، وسِوى، وخَلا، وحاشا، وعَدا»، فلو قالَ: «أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلا واحِدةً، أو غيرَ واحِدةٍ أو سِوى واحِدةٍ أو خَلا