للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلكَ إنْ ضرَبَه دَفعًا لعُدوانِه عليهِ، أو ضرَبَه مثلَ ما ضرَبَه، سَواءٌ ماتَ بسَببٍ آخَرَ أو غيرِه، واللهُ أعلَمُ (١).

ثانيًا: عِصمةُ المقتولِ:

اشتَرطَ الفُقهاءِ في المَقتولِ حتَّى يَجبَ القِصاصُ أنْ يكونَ مَعصومَ الدمِ، فلا قِصاصَ على المُسلمِ إذا قتَلَ:

١ - الحَربِيَّ، بل يُهدَرُ دمُه؛ لعَدمِ العِصمةِ، ولأنه إذا جاءَ تائبًا فإنه لا يُقتلُ بما قتَلَ قبلَ تَوبتِه، ولا خِلافَ في ذلكَ، وسواءٌ كانَ ممَّن تُقبلُ منه الجِزيةُ كاليهوديِّ والنصرانِيِّ، أو لا تُقبلُ منه كالوثنيِّ؛ لأنَّ شرْطَ القاتِلِ الذي يُقتصُّ منه أنْ يَكونَ مُلتزِمًا للأحكامِ، والحَربيُّ غيرُ مُلتزِمٍ لها.

٢ - وكذا الحًربيُّ المُستأمنُ إذا قتَلَه مُسلمٌ لا يُقتصُّ منهُ عندَ الحَنفيةِ في ظاهِرِ الرِّوايةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنَّ عِصمتَه ما ثبتَتْ مُطلَقةً، بل مُؤقَّتةً إلى غايةِ مُقامِه في دارِ الإسلامِ؛ وهذا لأنَّ المُستأمنَ مِنْ أهلِ دارِ الحَربِ، وإنما دخَلَ دارَ الإسلامِ لا لقَصدِ الإقامةِ، بل لعارِضِ حاجةٍ يَدفعُها ثم يَعودُ إلى وَطنِه الأصليِّ، فكانَتْ في عِصمتِه شُبهةُ العَدمِ؛ لقَولِ النبيِّ : «المُسلمونَ تَتكافأُ دِماؤُهم يَسعَى بذِمَّتِهم أدناهُم ويُجيرُ عليهِم أقصَاهُم وهُم يدٌ على مَنْ سِواهُم، يَردُّ مُشدُّهُم على مُضعفِهم، ومُتسّرِّعُهم على قاعدِهِم، لا يُقتلُ مُؤمنٌ بكافِرٍ، ولا ذو عَهدٍ في عَهدِه» (٢).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ١٥١، ١٥٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٥١، ٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٥، ٤٧٤٦)، وابن ماجه (٢٦٦٠)، وأحمد (٦٩٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>